يا حلو ذاك الزمان
ذاكرين يا أبناء وبنات جيلي ذاك الزمان؟ ذاكرين الروضة ونومة الظهر، وكاكاو الكتكات حين نصحو من النوم الساعة الرابعة عصرا، قبل ان يأتي من يمنع عن أطفال الرياض غداءهم.أكيد ذاكرين، فكل ما يحدث حولنا اليوم يدفعنا دفعا لتذكر الماضي بحلوه ومره، وحلوه بالطبع كان أكثر، وخيره وشره، وخيره أكيد كان أكثر.من خيرات ذاك الزمان كان الزي المدرسي الكاروهات للبنات، الذي نأخذ قماشه، صيفا وشتاء، ويعطوننا معه ثمن الخياطة، والأحذية البنية وما أمتع اليوم الذي كنا نذهب فيه للمخزن لكي نقيس حذاءنا ونأخذه بعلبته، وأدوات الدراسة من كتب وكشاكيل وأقلام ومساطر.من خيرات ذاك الزمان غرفة عيادة طبية في المدرسة تعمل فيها ممرضة طول الدوام، وكشف صحي مستمر علينا، ووجبات مشبعة تشمل الفطور والغداء، لا نزال نستشعر طعمها اللذيذ، فلم تحرمنا الحكومة وقتها من شيء، وكنا نأكل الدجاج المقلي، واللحم (الذي يذوب في فمك لا في يدك) والمعكرونة، والبطاطس المقلية، وعجة البيض، وشوربة العدس المشهورة، هذا غير البرتقال والموز والتفاح والبيض المسلوق والبسكويت وخبز التوست الذي لم نر مثله حتى الآن.كنا نرجع الى بيوتنا (متملقطين) بالبنسلين لخوفهم على عيوننا، ونعود لبيوتنا بدواء على شعرنا لخوفهم علينا من القمل، ونعود لبيوتنا وقد أخذنا طعم هذا المرض على قطعة سكر، وذاك المرض بحقنة، والمرض الثالث بشربة سريعة من كوب زجاجي صغير.هذا عن الزين في المدارس، أما الشين فاليكم هو.في تلك الفترة كان الضرب شغال، وطريقة الضرب لها أسس، فالأداة كانت مسطرة ثخينة مستعملة في كافة المدارس، يستخدم جانبها العريض في حالة الغضب الخفيف، أما جانبها الضيق، الحاد، المؤلم، فيستخدم في حالة الغضب الشديد، ويا لشدة لسعتها في فصل الشتاء.في ذلك الزمان تحملنا سخونة الجو، والمراوح المعلقة فوق رؤوسنا تسحب الحر وتوزعه علينا بالتساوي، ما يجعل الحصص الأخيرة مشروع نوم، وأحيانا نوم كامل.في ذاك الزمان، تحملنا زمهرير الشتاء، ولا أزال أذكر أصابع أقدامنا المتورمة من شدة البرودة، ونحن جالسات على الكراسي نتلقى الدروس، فوقتها لم تكن تتوافر الملابس والأحذية الدافئة كما هي الآن، أما اذا هطل المطر، فعلينا إعداد أنفسنا للعودة للبيت بملابس مبللة، وأصابع مزرقة، وأنوف محمرة، وأجساد ترتجف من البرد.في ذاك الزمان كانت الاجازة المزيد من الواجبات فأبلة العربي تريد ان ننسخ الدرس عشر مرات، وأبلة الرياضيات تريد ان ننسخ جداول الضرب خمسين مرة، هذا عدا واجبات أخرى تعطينا اياها باقي الأبلات، فلم نكن نهنأ بعطلتنا، خاصة اجازة نصف السنة، التي تعطينا اياها التربية بيد، وتأخذها منا باليد الأخرى.انتهى ذلك كله وراح في حال سبيله، وما أردت من هذا المقال الا تسطير بعض الذكريات لا لشيء الا لتعريف الجيل الجديد على بعض مشاهد ذلك الزمن الجميل.
عزيزة المفرج
almufarej@alwatan.com.kw