«بدون» ما قبل الاستقلال
حسن الهداد
من هم «البدون»؟ أليس هؤلاء هم من أخفوا جنسياتهم الأصلية للحصول على الجنسية الكويتية ذات الامتيازات الذهبية المؤدية إلى طريق الرفاه؟
جاءت هذه الأسئلة من قبل البعض أثناء نقاش دار في ديوانية تضمن مجاميع طيبة من أهل الكويت.. على عهدة الراوي.
طبعا أحد الحضور، أكد أن أهل الكويت معروفون، ولا داعي للبعض أن يدعي أنه كويتي وهو معروف أنه من بلد آخر، وجنسيته معلومة لدى الدولة.
أجمل ما بالحوار هو الانصاف، نعم الانصاف، هذا ما قاله وأكد عليه «بو فهد»، وهو أحد رواد الدوانية عندما فند بعض الاتهامات والاقاويل والحكاوي بشأن قضية البدون، فكان رأيه عبارة عن سرد موضوعي لقضية البدون بمعلومات قيمة، معظم جيل الشباب لا يعرفونها على حد قوله، وأود طرح أهم ما تفضل به من حقائق تؤكد أن مسمى «البدون» حقيقي وموجود منذ 50 عاما، وهم كويتيون مع وقف التنفيذ.
أكد بو فهد.. أن هناك مجاميع منذ الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات وقبل ذلك، كانوا يعيشون في بادية الكويت، وكان أمير البادية والمسؤول عنهم آنذاك هو الشيخ صباح الناصر الصباح (رحمه الله) الذي كان يعرفهم عز المعرفة، ويعرف مساكنهم، وكان يؤكد على ولائهم للكويت، كثيرون من هؤلاء لم يحصلوا على الجنسية الكويتية حتى وقتنا هذا، لأسباب كثيرة منها ما هي معلنة ومنها غير معلنة، ولكن أبرزها كانت وفاة الشيخ صباح الناصر في عام 1957 أي قبل قانون الجنسية الذي صدر في عام 1959، الأمر الذي أفقدهم سند شهادة أمير البادية، واصبحوا بلا سند في لجان الجنسية في شرق وجبلة ومرقاب في عامي 1961/1962، وهؤلاء مازالوا يملكون مستندات تؤكد تواجدهم القديم أي قبل قانون الجنسية وقبل استقلال الكويت، وحافظوا على اقامتهم إلى يومنا هذا.. فكيف ترون هؤلاء؟ هل هم مستحقون للجنسية أم لا؟
فمعظم الحضور.. نطقوا بكلمة واحدة يا «بو فهد» معقول هالكلام «والله هذول حرام بدون»، الجميل في النقاش أن البعض لم يكن يعلم بقضية البدون وتداعياتها، والبعض منهم يعتقد أن كل البدون جاءوا الى الكويت في زمن الثمانينيات واخفوا جنسياتهم، وذلك نتيجة الاشاعات التي يتم تداولها منذ زمن بعيد خاصة ما بعد تحرير الكويت، فمعلومة «بو فهد» غيرت نظرتهم للقضية، ولم يتوقف «بو فهد» عند هذا الحد بل استرسل في كشف حقيقة هذه القضية بشكل واسع وبتفصيل يحمل ضميرا إنسانيا، وانتقل من محاوره إلى طرح الأسئلة على الحضور من باب تقديم المعلومات عما يسمى بالبدون.
٭ كيف ترون من عملوا في شركة نفط الكويت في اعوام 1948 و1952 و1956 وهم لايزالون بدون جنسية رغم أنهم يعملون آنذاك كعمال كويتيين؟ تخيلوا معي ذاك الزمن جيدا واحكموا، هل يعقل أن نطلق على هؤلاء بدون؟
٭ كيف ترون من درس في مدارس الكويت وهم أطفال كويتيون في اعوام 1955 و1956 و1957 وكان والدهم هو من يرسلهم للمدرسة وينتظرهم في نهاية الدوام، وهؤلاء لا يزالون بدون جنسية وأعمارهم قاربت السبعين عاما ومنهم من توفاه الله، تصوروا معي أوضاعهم؟
٭ كيف ترون من عمل في السلك العسكري في اعوام 1955 و1957 و1959 وخدموا الكويت ومنهم من كان من يحمل وثيقة سفر كويتية أي قبل صدور الجنسية، وهؤلاء مازالوا بدون جنسية؟
٭ كيف ترون من شاركوا وقاتلوا في الحروب العربية في 1967 و1973 تحت راية واسم الكويت، هؤلاء إلى الآن بدون جنسية؟
كانت اسئلة «بو فهد» كثيرة لرواد الديوانية، واختصروا ردهم في جملة أصيلة «هذول إخوة لنا بالمواطنة وإنصافهم أمر غاية في الأهمية، وجزاك الله خيرا يا بوفهد كونك بينت لنا حقيقة ما كنا نعلم تفاصيلها»، وقال بو فهد يا جماعة ليس كل ما يقال عن البدون من اتهامات وقصص صحيحا، لذا علينا أن نقف مع حقوقهم ولا نساهم ونهضم استحقاقهم.
فليس هؤلاء من اخفوا جنسياتهم بل هناك من اخفوا ضمائرهم بعيدا عن الحقيقة التي يعلمونها جيدا بأن هؤلاء كويتيون أكثر من بعض ممن حصلوا على الجنسية.. فإنصافهم واجب إنساني.