حقيقة اعتقال زوجة البغدادي واعترافاتها المثيرة
اعتقل الجيش اللبناني، أمس الثلاثاء، إحدى زوجات زعيم تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، أبو بكر البغدادي، ونجلهما، في شرق البلاد قرب الحدود مع سوريا قبل نحو 10 أيام، حسبما أفادت مصادر أمنية وعسكرية لبنانية.
وأفادت مصادر مطلعة على العملية بأن مخابرات الجيش كانت تراقب منذ فترة شبكة الاتصالات، وتبين أن هناك شخصية مهمة تتنقل في بعض المناطق اللبنانية ولاسيما بين البقاع والشمال، وفي المرحلة الثانية ظهر لها أنها مرتبطة بـ”داعش”، دون أن تعرف هويتها، واستمرت المراقبة إلى أن ألقي عليها القبض قبل نحو 10 أيام.
وقال مصدر أمني رفيع المستوى إن “مخابرات الجيش اللبناني تمكنت من اعتقال إحدى زوجات البغدادي عندما كانت تتنقل برفقة نجلهما قرب بلدة عرسال”، عند الحدود اللبنانية السورية، مضيفا أن عملية الاعتقال جرت “قبل نحو 10 أيام”.
وأشار المصدر إلى أن “السلطات تكتمت على عملية الاعتقال لإفساح المجال أمام اتخاذ الإجراءات الأمنية الاستباقية المناسبة”.
تحقيقات لحسم الأمر
ومن جهته، قال مصدر قضائي لبناني، إن التحقيقات مستمرة مع سجى الدليمي، لحسم كونها زوجة زعيم تنظيم “داعش” أبو بكر البغدادي أم لا، وإذا كانت مكلفة بأي عمل أمني.
وأوضح المصدر، أن التحقيق يركز على ما “إذا كانت الموقوفة هي بالفعل زوجة البغدادي الذي بايعه تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “خليفة للمسلمين”، في يونيو الماضي.
وأشار المصدر القضائي، إلى أن التحقيق مع الدليمي لا يقتصر على ما إذا كانت زوجة البغدادي أم ﻻ، إنما “يتشعب إلى القضايا الأمنية وأسباب دخولها إلى لبنان، وما إذا كان ذلك مرتبطا بعمل أمني وإمكانية تواصلها مع خلايا تابعة لتنظيم “داعش” في لبنان”.
اعترافات جديدة
وفي نفس السياق، أفادت سجى الدليمي، أنها كانت متزوّجة في السابق من العراقي فلاح إسماعيل جاسم، وهو أحد قادة “جيش الراشدين”، الذي قتله الجيش العراقي خلال معارك الأنبار في العام 2010. وفيما بعد عمد والدها، وفق أقوالها، إلى تزويجها من إبراهيم السامرائي الذي يعتقد المحققون أنه الاسم الحقيقي للبغدادي.
زوجة البغدادي، سجى الدليمي
ولاحظ المحققون أن الدليمي مدربة تدريباً عالياً على كيفية التعامل مع جلسات الاستجواب، فضلاً عن أنها كانت قد تمكنت من الإيقاع بالمحققين في السجون السورية، عندما أوهمتهم بعد اعتقالها قرب مركز حدودي سوري- عراقي برفقة ابنيها وشقيقتها، أنها قادمة للزواج بليبي يقاتل في صفوف “الكتيبة الخضراء” في يبرود في منطقة القلمون.
وأدلت زوجة البغدادي باعترافات حول هويات وأماكن وجود أشخاص على علاقة بالشبكات الإرهابية، فسارع الجيش إلى تنفيذ مداهمات في أكثر من منطقة، أسفرت عن توقيف بعضهم.
ليست زوجته
ومن جهتها، أعلنت وزارة الداخلية العراقية، اليوم الأربعاء، أن سجى الدليمي المعتقلة في لبنان، ليست زوجة زعيم تنظيم “داعش” أبو بكر البغدادي، خلافاً لما تتداوله وسائل الإعلام.
ونشرت الوزارة على موقعها الرسمي على الإنترنت، “تعقيباً على ما نشرته وسائل الإعلام بشأن اعتقال سجى الدليمي باعتبارها زوجة أبو بكر البغدادي، أفاد مصدر في خلية الصقور الاستخبارية التابعة لوكالة وزارة الداخلية لشؤون الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية، بأن زوجتي الإرهابي أبو بكر البغدادي، هما أسماء فوزي محمد الدليمي وإسراء رجب محل القيسي، ولا توجد زوجة باسم سجى الدليمي”.
وأشارت الداخلية العراقية إلى أن المرأة التي اعتقلتها السلطات اللبنانية هي سجى عبد الحميد الدليمي، شقيقة المدعو عمر عبد الحميد الدليمي، المعتقل لدى السلطات العراقية والمحكوم بالإعدام لاشتراكه في تفجيرات في عدد من المناطق العراقية، لافتة إلى أن الدليمي هربت إلى سوريا، وكانت معتقلة لدى السلطات السورية وتم الإفراج عنها في صفقة الإفراج عن “راهبات معلولا” التي تمت في وقت سابق من العام الجاري.
ولفتت الوزارة إلى أن شقيقة سجى المدعوة دعاء هي “انتحارية” معتقلة لدى السلطات في أربيل عاصمة إقليم شمال العراق، لمحاولتها تفجير نفسها بحزام ناسف. موضحة أن والد كل من سجى ودعاء “مجرم هارب في تنظيم القاعدة وهو يعمل الآن مع جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة في سوريا”.
ورقة مساومة
وفي سياق ذي صلة، قال مصدر أمني لبناني، إن اعتقال الدليمي يمثل ورقة مساومة مهمة لممارسة ضغوط في مفاوضات لتحقيق الإفراج عن 27 من أفراد قوات الأمن اللبنانية الذين أسرهم مقاتلو تنظيم “داعش” في أغسطس الماضي، قرب الحدود السورية، وهو رأي يشاركه فيه مسؤولون لبنانيون آخرون ممن أكدوا احتجاز الدليمي.
وقال فواز جرجس، خبير شؤون الشرق الأوسط في كلية الاقتصاد بجامعة لندن، إن عملية الاعتقال توضح أنه يبدو أن لدى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة جهاز مخابرات كفؤا في سوريا والعراق. مضيفا، “تحدثت إلى عدد قليل من الناس أبلغوني بأنها عملية اعتقال منسقة بين أجهزة المخابرات الأمريكية والجيش اللبناني”.
ويعطي توقيف سجى الدليمي، أمس الثلاثاء، أملا لعائلات أسرى الجيش اللبناني الـ27 لدى التنظيمين المتطرفين، في إمكانية حصول مقايضة تطلق سراح هؤلاء المختطفين، منذ أغسطس الماضي.
تساؤل محير
ومن جهة أخرى، قال المختص بشؤون الإرهاب، ساجان جول، إنه بحال التأكد من صحة اعتقال زوجة البغدادي، فستؤشر العملية إلى تحول كبير في طريقة فهم عمل “داعش”، إذ لم يسبق اعتقال شخص وثيق الصلة بالبغدادي إلى هذا الحد، حسبما أفادت قناة “سي إن إن”.
وطرح المحلل السياسي، العديد من التساؤلات حول سبب توجه العائلة إلى لبنان، قائلا، “هل افترق البغدادي عنهما أم أنه قرر التخلي عنهما؟ هل كانا بطريقهما للفرار منه؟ هذه أمور بحاجة لأجوبة”.