نزع السلاح .. أو التسلح!
راكان بن حثلين
تقتضي الحكمة دائما المبادرة بمعالجة الخلل أينما وجد قبل أن تقع الفأس في الرأس، وخصوصا اذا كان الأمر يتعلق بأمن البلد، وحماية أرواح الناس، وبالتالي فان ما نراه على أرض واقعنا الحالي يدل إما على عدم الحكمة، او على اللامبالاة وعدم الاكتراث بأمن البلد، ولا بأرواح الناس.
فرغم تكرار الحوادث المؤسفة بسبب الأسلحة السائبة، ونواقيس الخطر التي تحذر من امكانية انتقال الأحداث الدامية التي تشهدها بعض الدول المجاور الى أي دولة في المنطقة، لا نجد أي تحرك جدي من قبل الحكومة تجاه جمع السلاح، وانتزاعه من أيدي الصبية والمراهقين الذين أصبحت هذه الأسلحة جزءا من متطلبات «الكشخة» لديهم في المناسبات والأعراس، وأداة للتباهي، فضلا عن كونها أداة لجرائم القتل والسلب بالقوة التي انتشرت في السنوات الأخيرة.
وعود وتطمينات كتلك التي تسوقها الحكومة بشأن «التنمية» ومعالجة القضية الاسكانية، لن تنجح في طمأنة الناس، لأنه لا شيء على أرض الواقع، السلاح منتشر بشكل مخيف، ولا حزم ولا حسم في هذه القضية، الى درجة أن البعض أخذ يتباهى بحمله السلاح في وسائل التواصل الاجتماعي.
ما المطلوب من الناس، هل تريدون أن يجمدوا كل مشاعرهم ومخاوفهم من هذه الآفة التي أصبحت تهدد ليس أرواحهم فقط، بل تهدد أمن واستقرار بلدهم؟ أم ان على كل فرد يسعى الى تسليح نفسه والدفاع عنها طالما ان الحكومة عاجزة عن جمع السلاح، او غير مبالية بالمخاطر؟
وقت الشعارات واطلاق الوعود انتهى، وعلى الحكومة أن تتحرك سريعا من أجل جمع السلاح «فوق وتحت الأرض» حتى لا تسود شريعة الغاب، وكي لا ينتهي السلاح الى أيدي من يريدون السوء بأمن هذا البلد.
على الحكومة ألا تضع يدها على خدها بانتظار انتهاء اللجان البرلمانية من دراسة المقترحات والمشاريع بقوانين المتعلقة بهذه القضية، بل يجب عليها ان تتعامل مع قضية انتشار السلاح كقضية استثنائية لا تحتمل التأجيل، وان تدرك أن الناس يمكن ان تقبل المماطلة والتسويف في قضايا كثيرة «الا الأمن» فهو أمر لا يمكن ان يركن فيه الانسان الى التطمينات والوعود، بل سيكون من حقه أن بحث له وسيلة تحميه وأبناءه طالما ان الدولة عجزت عن حمايته.
أمن البلد فوق كل الحرمات، وأصبح الحزم والحسم مطلوبين، ولا مجال للمجاملات واتباع القنوات السياسية المعتادة، بينما نرى نذر البلاء تنطلق بين الحين والآخر في مختلف المناطق، سواء في مناسبات الأفراح وغيرها، ولذلك على الدولة أن تعالج النقص في امكاناتها وان تتعاقد مع شركات عالمية لاجراء مسح شامل للسلاح في جميع مناطق الكويت من الوفرة الى العبدلي، وان تنظم حملة اعلامية لتعريف الناس بمخاطر السلاح وتشجعهم على تسليمه للدولة مقابل مبالغ مالية ولفترة محدودة يتم بعدها انزال اشد العقوبة بكل من يحمل سلاحا غير مرخص.
اما ان يتم ذلك بشكل عاجل وحازم، او ان تعترف الدولة بعجزها، وتسمح للناس بتسليح أنفسهم، وأن يشكلوا دويلات قبلية وطائفية وفئوية وعائلية تحميهم من أي خطر محتمل، ولنتحول الى شريعة الغاب، وننسى مفهوم الدولة المدنية المبنية على أساس التعايش السلمي التي أسسها الآباء والأجداد.