كفاية.. سورية تعبت
رأينا لا يختلف عن رأي غيرنا، فبشار الأسد ظالم، وديكتاتور، وجزار صاحب قلب قاسي، ويرأس حزبا معروفا بدمويته واجرامه، ولكن الى متى تلك الحرب الضروس التي أكلت الأخضر واليابس في سورية، واستمرت أشهرا طويلة بلا طائل، والى متى تلك المحاولات لاسقاطه على الرغم من بؤسها وفشلها وعدم فاعليتها.
الرجل ولأكثر من ثلاث سنوات أثبت لكم قوته، ودول العالم الكبرى برهنت لكم على عدم رغبتها بتغييره، وجماعة ايران وجدتها فرصة لقتل الواقفين على الطرف الآخر، كما فعلت في العراق، فأرسلوا له جيشا يساعده وزودوه بعتاد يسنده، فلماذا هذا الاصرار على تدمير سورية، وقتل المزيد من الأبرياء من أهلها، وتشريدهم بين الدول، وفي أرجاء الأرض.
لماذا النفخ في نار الخلاف بين مختلف الفصائل والفرق، وكل دولة تساند من تريد، ثم يكتمل المشهد المأساوي بظهور عصابات لا تقل ظلما ووحشية عن بشار ونظامه، وتغرق الساحة السورية أكثر وأكثر في الدم، ويقتل الناس، وتسلب ممتلكاتهم، ويتم تشريدهم، وينتشر دمهم بين المسلحين من جبهة نصرة، الى أحرار شام، الى جيش حر، الى لواء توحيد، الى عاصفة شمال، الى أحرار شمال، دع عنك النظام الذي يعجنهم هم وبيوتهم بالبراميل المتفجرة كل يوم، وها هو شتاء قاس آخر يمر على هؤلاء البؤساء، وهم وصغارهم في الخلاء قابعون، وأقصى أمل لهم دفء ولقمة وأمان وكرامة.
الحرب على بشار آن لها ان تنتهي، والسماح بأن تطول أكثر من ذلك وحشية يجب الوقوف أمامها، وأظن ان عددا كبيرا من السوريين سيختارون حكم بشار على كثرة مساوئه، لو خيّروا بينه وبين الأوضاع الصعبة التي يعيشونها منذ سنوات بدون بارقة أمل، ويكفي أنهم كانوا يعيشون في منازل لا في خيام، وعندهم وظائف أو أرض يزرعونها، وأبناؤهم يذهبون للمدارس، وعيشتهم مستورة، لا ينتظرون صدقات وتبرعات تنقذهم من الموت جوعا ومرضا قد تأتي وقد لا تأتي. سورية أجهدت، وكل شيء فيها منهك، وشعبها ذاق الويلات ولايزال، وجزء من تاريخها المعماري والأثري والتاريخي تهدم، وناس غرباء توافدوا على أرضها، واستباحوا كرامتها وكرامة أهلها، ومن المعيب ان يستمر ذلك كله، فلا أحد يرضاه لنفسه كي يرضاه لغيره من عباد الله.
المسلم الحق هو من اهتم لأمر المسلمين، واخوتنا في سورية ملوا وتعبوا ويكفيهم الرعب القادم من سراديب الماضي المسمى بداعش وشعاره الدموي (ما أتيناكم الا بالذبح)، بالتالي يجب على الدول العربية والاسلامية ان تفعل كل ما وسعها من أجل انقاذ الشعب في سورية، وعليها ان تستخدم أي ضغوطات ممكنة، طالما ان العالم الغربي لا يبذل الجهد الكافي والمطلوب، فهو يجلس متفرجا على ما يحدث هناك، وان تدخل ففي تؤدة، وعلى استحياء، وجعجعته أكبر من فعله. يقول المثل الشام شامك اذا الدهر ضامك، والهند هندك لي قل ما عندك، وأهل الشام هم من يعانون الضيم والضنك الآن، فكيف السبيل إلى انقاذهم مما هم فيه؟
عزيزة المفرج
almufarej@alwatan.com.kw