الفضيحة والا الستر!
كلكم خطاء وخير الخطائين التوابون، ولو أخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة، ومن أحلى ما كتب الشافعي قوله: اذا شئت ان تحيا سليما من الأذى ودينك موفور وعرضك صيّن، لسانك لا تذكر به عورة امرئ، فكلك عورات وللناس ألسن، وعينك ان أبدت اليك معايبا، فدعها وقل يا عين للناس أعين، وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى، وفارق ولكن بالتي هي أحسن، وما يفعله البعض منا بغيره معيب ولا أخلاقي حتى لو كان فعل ذلك الشخص نفسه خارج عن الأخلاق والآداب العامة، وفي خلال أسبوعين مررنا بحادثتين من هذا النوع، البنت وصاحبها في مواقف معرض الكويت الدولي، والرجل في أحد المقاهي الشهيرة.
في الحادثة الأولى أسرعت امرأة شاهدت ما يحدث في سيارة الى ابلاغ الشرطة اللي ما صدقوا على الله خبر، وطيران الى موقع الحدث، حيث قبضوا على الفتاة والشاب واقتادوهما للمخفر، وكانت الفضيحة بجلاجل وصاجات وطبول. ألم تسمع هذه المرأة بقول الرسول صلى الله عليه وسلم من ستر مسلما ستر الله عليه يوم القيامة؟ ألم تقدّر ان ذلك النوع من البلاء قد يحل بأي كان، ومنهم أقاربها أو أهل بيتها خاصة مع ذلك الانفتاح الاجتماعي الكبير، والتطور التكنولوجي الجامح الذي جعل كل شيء متوافرا ومتاحا، ما أفقد الناس البراءة والسذاجة والبساطة حتى الأطفال منهم.
تأتي بعد ذلك حادثة ذلك الرجل في أحد المقاهي الشهيرة الذي ظلم نفسه ظلما عظيما بما كان يفعله من فعل يجرمه القانون، وفي مكان عام، وبظنّه ألا أحد يراه، وأنه لا يلفت انتباه الموجودين، فكان ما كان من تصوير وفضيحة أخالها لم تترك بلادا لا شرقا ولا غربا الا ووصلت اليه، وما تلى ذلك من قبض عليه بواسطة السلطات، ووضعه على لائحة الابعاد، وهو وضع لا يحسد عليه ويكفي سواد وجهه بين الأهل والمعارف والأصدقاء.
تلك الحادثة وفرت فرصة ذهبية لعشاق الفضائح، فانشغلوا بها، وهات يا همز وطعن، وهات يا خوض مع الخائضين.ابتداء يجب معرفة أنه لا يوجد انسان كامل أو معصوم، الا من عصمه الله تعالى، بالتالي ليس هناك أسوأ من الطعن بالناس على الرغم من ان جميعنا (معيوب) وفيه ما فيه من مساوئ وبلاوي ربما سترها الله عز وجل عليه، بالتالي فان عدم حفظ الانسان للسانه، والخوض في عيوب الآخرين والشماتة فيهم، وفضحهم، والتشهير بهم على رؤوس الأشهاد، عيب كبير من عيوب النفس، يحاول المرء فيها ان يدفع عن نفسه التهم، ليظهر أمام الناس أنه ملاك وخال من العيوب، متناسيا أنه لا يوجد في الدنيا مخلوق خال من خطيئة أو عيب أو نقص أو ذنب.
خلاصة القول ان الانسان الكيّس الفطن هو من انشغل بعيوب نفسه عن عيوب غيره، محاولا تعديل ما اعوج فيه، بدلا من الانشغال بتسليط المنظار المكبر على عيوب الآخرين، والسير بها بين الناس ما يخلق العداوة والبغضاء والكراهية بينهم، ويبقى السؤال الأهم، أليس من العار على الواحد فينا ان يبصر القذى في وجه أخيه، وينسى الجذع في عين نفسه!
عزيزة المفرج
almufarej@alwatan.com.kw