مقالات

استعدوا فالقادم أسوأ نفطياً

باسل الجاسر

يعتقد البعض أن قضية أسعار النفط وهبوطها بهذا الشكل المريع هي نتيجة لحركة مصطنعة للإضرار بالاقتصاد الروسي أو الإيراني، والحقيقة أن هذه تصورات لم تر الصورة من كل زواياها، وغاب عنها تطورات تكنولوجيا استخراج النفط الصخري الذي تطور لدرجة أن الولايات بدأت أو اقتربت من أن تكتفي ذاتيا لولا اعتماد مصافيها على النفط الثقيل، لذلك رأينا موقف المملكة العربية السعودية الحازم من عدم تخفيض إنتاج أوپيك من النفط، واقتنع بوجهة نظرها جميع أو معظم أعضاء المنظمة، علما بأن السعودية تشاورت في هذا الأمر مع الكرملين وأعتقد أنهم توافقوا على عدم تخفيض الإنتاج، ذلك أن تخفيض الإنتاج بالفعل قد يؤجل هذا السقوط الحر للأسعار لبعض الوقت لكنه على المديين المتوسط والقريب يمثل تعزيزا ودعما لإنتاج النفط الصخري، الذي بدأت كندا وبعض دول أميركا اللاتينية بدعوة أصحاب هذه التكنولوجيا «الصخري» للاستثمار فيه على أراضيها.

وبالنظر إلى تكلفة إنتاج النفط الصخري التي قيل انها من 70 إلى 75 دولارا وعندما هبطت الأسعار عن هذا المستوى قال منتجوه إن التكلفة من 45 إلى 50 دولارا، وأعتقد أن هذا الانخفاض بالتكلفة مصطنع ويأتي في إطار الحرب النفسية التي تريد الضغط على دول أوپيك من أجل تخفيض إنتاجهم، حتى تتماسك الأسعار ويستمروا هم في تطوير تكنولوجيا النفط الصخري وتخفيض تكاليف إنتاجه، الأمر الذي يتطلب التصدي لانخفاض اسعار النفط الآن فيتعثر انتاج الصخري الذي له اضرار بيئية عظيمة نتيجة لتأثيره المباشر على صفائح الأرض بما سيؤدي بالضرورة لتغير خارطة الزلازل ويؤدي لنتائج وخيمة على سكان الارض ان تم التوسع في إنتاجه، أي أن ينخفض سعر برميل النفط إلى مستوى 35/30 دولارا فيؤدي هذا لتوقف إنتاج النفط الصخري افضل من أن تتم المحافظة على أسعار 75/70 دولارا على حساب أوپيك وتخفيض إنتاجها الذي يصب بشكل مباشر لصالح إنتاج الصخري الذي يزيد إنتاجه بشكل يومي ومعه يتم تطوير تكنولوجيا الإنتاج وتخفيض تكاليفه، الأمر الذي سيؤدي بالمحصلة النهائية لتدمير صناعة إنتاج نفوط أوپيك، لذلك فإنني أشكر المولى جلت قدرته أن فتح بصيرة الإخوة في الشقيقة الكبرى وجعلهم يتخذون القرار الحكيم والصعب للحفاظ على قيمة نفوط أوپيك بما فيها نفطنا.

ومع ذلك فإننا بحاجة لتكييف مع أسعار معدلها 40 دولارا على المدى المتوسط، وفي ظل هذا التطور التقني يجب على الكويت تنويع مصادر دخلها والكف عن قرارات رد الفعل التي أتحفتنا بها حكومتنا الرشيدة، فيجب وضع استراتيجية مداها قصير لإنشاء مصانع لتكرير النفط للوصول بأسرع وقت ممكن لتصدير نفطنا كمشتقات ووقف تصدير النفط الخام فالمشتقات أسواقها ستستمر وتنتعش وأسعارها افضل بأضعاف المرات من الخام.. ولكن هل نتوقع من هذه الحكومة القيام بخطوات كبرى كهذه ؟ والحقيقة أنني أشك بل أجزم بعدم قدرتها على القيام بخطوات كهذه ومع ذلك ثقتي كبيرة بأن العزيز سبحانه قادر على تغيير حالنا من حال الى حال.. فهل من مدكر؟

baselaljaser@hotmail.com

@baselaljaser

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.