مقالات

عالم ورق

لو جئنا بجميع أوراق المشاريع الحكومية التي وضعت توصياتها ولم تنفذ وجعلنا منها حزاما يحيط بالكويت من شرقها الى غربها لكفّت ووفّت، ولربما فاض منها مضعدين وترجية. سنين طوال واللجان الوزارية التي سبقتها لجان، وتلتها لجان، كلها أكلت من المال العام ما أكلت، ونفخت من الجيوب ما نفخت، لم نستفد منها تلك الاستفادة، ولم يتغير على يديها في البلد شيء كبير أو كثير أو حتى يرفع الرأس. مشاريع كثيرة طبعت تفاصيلها على أوراق، ووضعت الأوراق في الأدراج، وأغلقت تلك الأدراج على ما فيها بانتظار توصيات لمشاريع جديدة عودتنا الحكومة على أنه لن يطبق منها شيء لاعتبارات خاصة بها، لا يمكن ان تفصح عنها.

سنوات والورق يتكدس فوق الورق، والتوصيات تتراكم فوق التوصيات، ولا يوجد ما يثير الدهشة في ان تكون التوصيات الواردة في الورق القديم الموجود في الأسفل التي نتجت عن لجنة ما مشابهة للتوصيات الموجودة على أوراق خرجت من لجنة أخرى، واتخذت مكانا لها أعلى الكومة الى ان يمرّ الزمن، وتنزل بدورها تحت لتصبح، أسفل غيرها. تتراكم الأوراق فوق بعضها، وتتعطل المشاريع، ويبقى الحال على ما هو عليه، وكما ان توصيات اللجنة الأولى لم تنفذ، كذلك توصيات اللجان التالية قابعة في مكانها تنتظر الحسم والمبادرة من شخصية صاحبة قرار. تجتمع اللجنة، ويتناقش أعضاؤها مع بعضهم البعض، ويتناطحون بالأفكار والاقتراحات طوال أسابيع أو أشهر، ويسطّرون لنا ما اتفقوا عليه، ثم تخرج الأخبار المفرحة عن مشاريع مستقبلية طموحة واعدة، سنراها بعد كذا سنة (مشروع فيلكا، مشروع المترو، مشروع شارع سالم المبارك..الخ)، وعن عزم الحكومة على تنفيذها، وتمر الأيام والأشهر والسنوات ولا يحدث شيء، ولن يحدث لأن الحكومة – كعادتها – أخذت الورق، ورمت به في أدراج الاهمال ونسيته، والأدراج المغلقة لن تفتح الا لوضع ورق مشروع جديد الدولة عاجزة عن تنفيذه، أو لا ترغب في تنفيذه، أو على أضعف الايمان تماطل في تنفيذه. المشاريع الحكومية الورقية مللنا منها، وتلك هي الحقيقة، وبلد مثل بلدنا لا يجب ان يكون أقل جمالا وترتيبا من باقي دول الخليج، ولكن ما العمل ومن بيدهم الأمر من جماعتنا اما أنهم لا يملكون النوايا للعمل، أو أنهم يملكونها بس مالهم خلق، أو يملكونها ولهم خلق، ولكن هناك ما يقيد أيديهم، ويكبّل أقدامهم عن المضي قدما بها، وهو الأمر الغامض بالنسبة لنا، الذي لا نجد له تفسيرا.

عزيزة المفرج
almufarej@alwatan.com.kw

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.