مقالات

نحن وحضارة سومر وبابل

نائل نعمان

السومريون هم أول من أسس حضاره بالتاريخ وان كان هناك تجمعات بشرية هنا وهناك الا ان السومريون ادخلوا امورا جديده للحياة الانسانيه من ناحية التعليم والتنظيم لم يسيقهم اليها احد. فالحضارة كما عرفها ديورانت صاحب كتاب ” موسوعة قصة الحضاره ” بأنها نظام اجتماعي يعين الانسان على الزياده من انتاجه الثقافي وهي تتألف من الموارد الاقتصاديه ، والنظم السياسيه ، والتقاليد الخلقيه واخيرا متابعة العلوم ، وأضيف الى هذا كله ما أعطى للانسانيه ليس في وقتها وانما الى وقتنا هذا. فالسومريون أبدعوا في الرياضيات حتى أسسوا المعادلات الثنائيه وتمكنوا من صنع البرونز المعدن القوي وهو خليط من القصدير والنحاس لذلك اخذ عصرهم اسم العصر البرونزي ، وبنوا الاهرامات حتى قبل الفراعنه بل ان الفراعنه استفادوا منهم كثيرا ، واما في الفلك فما تركوه لنا ولمن لحقهم على الالواح الطينيه يحير العقول فالتقدم في هذا العلم تم به حساب حركة الكواكب وتدوينها ، كما لا ننسى انهم اول من اسس الكتابه والارقام واللغه فسجلوا رواياتهم واشعارهم على تلك الالواح .
فلماذا قاموا بكل ذلك ؟ وما الذي دفعهم في البدايه ؟
ما ان اكتشف السومريون المحراث حتى بدأ الانتاج ازراعي يتزايد وبدا الناس يفدون من كل حدب وصوب اما للزراعه او للتجارة وما ان اتسعت القاعده السكانيه اصبحت الحاجه ملحه لتنظيم الدولة وسن القوانين وما ان احس المواطن بالعدالة الاجتماعيه وانه في مامن اقتصاديا وأمنيا حتى بدأ يتجه للعلوم والثقافه بغية زيادة الانتاج وتحسين الحاله الاجتماعيه وما اهتمامهم بالفلك الا لمعرفة موسم الامطار والحصاد فاسسوا دولة استمرت لاكثر من الف عام ، والارث الثقافي والعلمي الذي تركوه للاكديين كان تثبيتا للحكم الجديد ومن بعدهم للبابليين الذين قامو بصنع اعجوبة من عجائب الدنيا السبع ووضعوا دستورا نقشوه على الحجر وبلغت العلوم درجة لم يسبقها اليهم احد فاصبحت قبلة للعلماء والمهندسين والشعراء والادباء لأنهم طوروا ما استحوذوا عليه من علوم ووظفوها بالطريقة الصحيحه.

لا ينبغي للحضارة ان تكون بهذه الضخامه لتكون حضاره انما يستلزم ان تستحوذ على العناصر الاربعه لتستكمل وجودها الحضاري، فكويت الستينات تركت لنا اسسا في تنظيم المدينه والتعليم والبنيه التحتيه والدستور والاستقلال فكانت حضارة اعطت شقيقاتها في الخليج كل السبل للتقدم من بناء مدراس وكتب دراسيه وبناء مستشفيات وغيره كما استفادت من التقدم الثقافي في مصر والعراق ولبنان فاوفدت الكثير منهم للعمل في الكويت، وبمعنى اخر كويت الستينات فعلت ما تفعله اي حضارة ولم تترك مجالا الا واقتحمته على اسس اقتصاديه وعلميه.
فماذا جرى لنا؟ مشكلتنا هو اننا لم نطور النظم السياسيه ولا تابعنا العلوم بما يتماشى والالفيه الجديده وفقدنا تقاليدنا الخلقيه ففقدنا تقريبا كل عناصر الحضارة ، فماذا سيقولون عنا كويتيو عام 2040 سوى اننا كنا مهملين ففقدنا قيمة الوقت بالنزاعات وصرعات النفوذ حتى فقدنا العدالة الاجتماعيه فالغني اصبح اغنى والمتوسط وصل الى الدخل المحدود ففقد الامن الاقتصادي فاصبح لا ينجز ثقافيا ولا غيره .
يجب ان نترك ارثا لمن يلينا فما نحن سوى حلقة في تاريخ هذا الوطن فالاجدر بنا ان نكون حلقة متماسكه بدل ان نكون حلقة مفقوده.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.