يأجوج ومأجوج هذا الزمان”الجزء الأول”
عدنان بحروه
بسم الله الذي ليس مع اسمه سمّ ولا داء ، بسم الله خير الأسماء ، الذي خلق فسوّى وقهر بعزته الجبابرة وأعزّ الضعفاء فجعل منهم ملوكا وخلفاء ،،،،
الحمد الله الذي اصطفى من خلقه المصطفى محمد وعزّزه بوليّه ابن عمه أمير المؤمنين قاتل المارقين و المناقفين ومهدم أركان الكافرين وحصن المنافقين وأعزّ رسوله به ابا الحسنين علي بن ابي طالب عليهم أفضل السلام
اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم واللعنة الدائمة على قاتليهم وظالميهم ومنكري فضائلهم من الأولين و الآخرين.
أقدم بين أيديكم بحثا شاملا عن قضية شغلت حيّزا كبيرا لدي المسلمين قاطبة متمنيا أنني وفقت لوضع صورة عامة وشاملة عن هذه القضية سائلا المولى عز وجل التوفيق ،،،،،،،
اهدي ثواب هذا البحث المتواضع لروح والدي المرحوم الحاج / عبدالرضا بحروه
الفاتحة على روحه وعلى أرواح المؤمنين و الأموات……..
معنى يأجوج و مأجوج :-
اختلفت البحوث عن أصل يأجوج ومأجوج من حيث اللغة ، والخلاف سببه :
١- اللفظان هما عربيان والبحث سيكون عن الإشتقاق اللغوي.
٢-اللفظان أعجميان ، وحينئذ لا فائدة ترجى للبحث.
فكان لابد لنا ان نقف عند نقطتان قبل تكملة البحث :-
الأولى :- أنهما إسمان فإن رجعا إلى اللغة العربية وبالتالي كان لهما إشتقاق لغوي فإنهما لن يخرجا عن دائرة الإسمية، وإن كانا من الأعجمية فإنهما أيضا من الأسماء.
الثانية :- الرجوع إلى معاجم اللغة العربية لتحديد المراد ، فقال الفيومي مستخدما عبارة قيل فقال :- وقيل مشتقان من أجّت النار فالهمز فيهما زصل ووزنهما يفعول ومفعول وعلى هذا ترك الهمز تخفيف [المصباح المنير،ص٥] وفي تفسيره لمعنى أجّت النار قال :- (أجّت) النار (توّج) بالضم (أجيجا) توقدت.
قال البيضاوي في أنوار التنزيل وأسرار التأويل (وقيل أنهما إسمان أعجميان بدلالة منع الصرف[الطور المهدوي،٥١] ) بينما نفى آخر أعجميتهما لقوله تعالى **(وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ )** [سورة فصلت،٤٤] ومن هنا أرجع النافي لأعجمية يأجوج و مأجوج أصل الكلمتين إلى اللغة العربية قائلا :- فالإسم مشتق من أجّ أي أسرع والآخر مشتق من مجّ ومعناه تحدر أو إنسلّ فالأج و المج واحد في الفعل مختلف في الصورة الأول يظهر الإسراع والآخر ينسل خفية بإسراع فهو كالفارق تماما بين الهمز واللمز [الطور المهدوي،٥٢] واستدل هذا القائل بما ورد في في القاموس حيث قال في القاموس :- أج إذا أسرع وأصله الهمز.
نرجع إلى القرآن الكريم وقوله تعالى : حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (٩٦ سورة الكهف)
فالتعبير بالإنسلال يتوافق مع تفسير المعنى اللغوي ل مجّ بمعنى تحدّر وإنسل ، وأن صاحب مجمع البيان ذكر كلاما موافقا لهذا القائل في إرجاع عبارة يأجوج إلى أجّ على وزن يفعول على نحو يربوع ولكن بقيد كون اللفظ عربيا ، ولكن الهمزة في يأجوج ان لم تكن على التخفيف. فإن لفظ يأجوج فاعول من يجج وهذا في يأجوج ، وأما مأجوج فهي عند من يهمز فتصير فاعول من مجّ فالكلمات
على هذا من أصلين وليسا من أصل واحد ، اي أجّ و مجّ.
قال في مجمع البيان : قال أبو علي : يأجوج إن جعلته عربيا فهو يفعول من أجّ نحو يربوع ، ومن لم يهمز أمكن أن يكون خفف الهمزة ، فقلبها ألفا ، فهو على قوله يفعول أيضا ، وإن كانت الألف في يأجوج ليس على التخفيف فإنه فاعول من ي ج ج فإن جعلت الكلمة من هذا الأصل، كانت الهمزة فيها كمن قال سأق-لغة في الساق-، ونحو ذالك مما جاء مهموزا. ولم يتبع أن يهمز ، ويكون الامتناع من صرفه على هذا للتأنيث ، والتعريف ، كأنه إسم القبيلة كمجوس.وأما مأجوج فمن همز فمفعول من أجّ فالكلمتان على هذا من أصلين ، وليسا من أصل واحد ، ويكون ترك الصرف فيه أيضا للتعريف و التأنيث(ج ١٦،مج ٦، ٣٨٣).
وهنا يمكننا القول ان أصل كلمة يأجوج و مأجوج في اللغة :-
١-إن كانا عربيان:
أ-مأخوذان من أجّت النار بمعنى توقدت ، إذا صح فيهما الهمز.
ب- مأخوذان من يجّ إذا لم يصح فيهما اللمز.
ج- مأخوذان من أجّ بمعنى أسرع ، بالنسبة لمأجوج ، و مجّ بمعنى تحدر وانسلّ لمأجوج ، والأجّ والمجّ واحد في الفعل مختلف في الصورة كالهمز و اللمز.
د-يأجوج و مأجوج عند من همزهما من أصل واحد ، وعند من لم يهمزهما ليسا من أصل واحد.والمعنى العام هو : التوقد ، الاضطراب ، الإسراع ، الإنسلال.
٢- إذا كانا أعجميان :
فلا يصح كل ما ذكر ، ومن هنا قيل : بأن هاتين الكلمتين عبريتين ولكنهما في الأصل انتقلتا من اليانونية [الأمثل،مجلد ٩،٣٣١].
ومن هنا كان تأكيد القرآن الكريم بقل تعالى : وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ [سورة فصلت ، ٤٤] وهذا يؤكد ان كل كلمة في القرآن لغويا هي عربية وهنا نرجح المعنى الإنسلال و الإنحدار و الإسرع مع قوله تعالى بوصفهم :
وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ [سورة الكهف، ٩٩