يأجوج ومأجوج هذا الزمان(الجزء الثاني)
عدنان بحروه
يأجوج و مأجوج في الكتب القديمة:-
باليونانية تلف ب كاك وماكاك[الأمثل ، مجلد ٩ ، ٣٣٠] هكذا كانت تلفظ ومن الكتب التي ذكرتهم التوراة.
وفي كتاب حزقيل من التوراة الفصل الثامن والثلاثين والتاسع و الثلاثين ، وفي كتاب رؤيا يوحنا الفصل العشرين، ذكرا بعنوان (كوك) و(ماكوك) التي تعني بعد التعريب يأجوج و مأجوج.
وورد ذكر مأجوج و (جوج ومأجوج) في مواضع من كتب العهد العتيق ففي الإصحاح العاشر من سفر التكوين من التوراة : (( وهذه مواليد بني نوح: سام وحام ويافث وولد لهم بنون بعد الطوفان، بنو يافث جور ومأجوج وماداي وباوان ونوبال وماشك ونبراس.))
وفي كتاب حزقيال الإصحاح الثامن و الثلاثون ((وكان إلى كلام الربّ قائلا: يا إبن آدم اجعل وجهك على جوج أرض مأجوج رئيس روش ماشك ونوبال ، وتنبأ عليه وقل : هكذا قال السيد الرب : ها أنا ذا عليك ياجوج رئيس روش ماشك ونوبال وأرجعك وأضع شكائم في فكيك وأخرجك أنت وكل جيشك خيلا وفرسانا كلهم لابسين أفخر لباس جماعة عظيمة مع أتراس ومجان كلهم ممسكين السيوف فارس وكوش وفوط معهم كلهم بمجن وخوذة ، وجومر وكل جيوشه وبيت نوجرمه من أقاصي الشمالي مع كل جيشه شعوبا كثيرين معك.))
قال : (( لذلك تنبأ يا إبن آدم وقال لجوج: هكذا قال السيد الرب : الرب في ذلك اليوم عند سكني شعب إسرائيل آمنين أفلا تعلم وتأتي من موضعك من أقاصي الشمال.)) الخ.
وفي رويا يوحنا في الإصحاح العشرين : (( ورأيت ملاكا نازلا من السماء معه مفتاح الهاوية وسلسلة عظيمة على يده فقبض على التنين الحية القديمة الذي هو إبليس و الشيطان ، وقيده ألف سنة وطرحه في الهاويه وأغلق عليه وختم عليه لكيلا يظل الأمم فيما بعد حتى تتم الألف سنة، وبعد ذلك لابد أن يحل زمانا يسيرا.
ثم قال : ثم متى تمت الألف سنة لن يحلّ الشيطان من سجنه ويخرج ليضل الأمم الذين في أربع زوايا الأرض جوج ومأجوج ليجمعهم للحرب الذين عددهم مثل رمل البحر فصعدوا على عرض البحر ، وأحاطوا بمعسكر القديسين وبالمدينة المحبوبة فنزلت نار من عندالله من السماء وأكلتهم ، وإبليس الذي كان يضلّهم طرح في بحيرة النار والكبريت حيث الوحش والنبي الكذّاب وسيعذبون نهارا وليلا
إلى أبد الآبدين .[ميزان الحكمة،ج٩،ص٤٢٢ وما بعدها]
فيستفاد ان يأجوج في الكتب القديمة إسمه ( جوج) وقال الطباطبائي صاحب تفسير الميزان : إنه يستفاد من مجموع ما ذكر في التوراة أن مأجوج أو جوج هم مجموعة أو مجاميع كبيرة كانت تقطن أقصى نقطة في شمال آسيا ، وهم أناس محاربون يغيرون على الأماكن القريبة منهم.[الأمثل، مجلد ٩، ص٣٣١]
الجامع المشترك ما بين ما ذكر في القرآن الكريم و التوراة:-
الأول : أن يأجوج و مأجوج كانا في سجن ، ثم يخرجان للإفساد
الثاني : أن دورهما إفسادي.
الثالث : أن جموعهما غفيرة.
الآيات الواردة بشأن يأجوج و مأجوج :-
ذكر القرآن الكريم تلك الظاهرة في سورتين الكهف و الأنبياء
١- في سورة الكهف :- وَيَسأَلونَكَ عَن ذِي القَرنَينِ قُل سَأَتلو عَلَيكُم مِنهُ ذِكرًا ﴿٨٣﴾ إِنّا مَكَّنّا لَهُ فِي الأَرضِ وَآتَيناهُ مِن كُلِّ شَيءٍ سَبَبًا ﴿٨٤﴾فَأَتبَعَ سَبَبًا ﴿٨٥﴾ حَتّى إِذا بَلَغَ مَغرِبَ الشَّمسِ وَجَدَها تَغرُبُ في عَينٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَها قَومًا قُلنا يا ذَا القَرنَينِ إِمّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمّا أَن تَتَّخِذَ فيهِم حُسنًا ﴿٨٦﴾ قالَ أَمّا مَن ظَلَمَ فَسَوفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذابًا نُكرًا ﴿٨٧﴾وَأَمّا مَن آمَنَ وَعَمِلَ صالِحًا فَلَهُ جَزاءً الحُسنى وَسَنَقولُ لَهُ مِن أَمرِنا يُسرًا ﴿٨٨﴾ ثُمَّ أَتبَعَ سَبَبًا ﴿٨٩﴾ حَتّى إِذا بَلَغَ مَطلِعَ الشَّمسِ وَجَدَها تَطلُعُ عَلى قَومٍ لَم نَجعَل لَهُم مِن دونِها سِترًا ﴿٩٠﴾ كَذلِكَ وَقَد أَحَطنا بِما لَدَيهِ خُبرًا ﴿٩١﴾ ثُمَّ أَتبَعَ سَبَبًا ﴿٩٢﴾ حَتّى إِذا بَلَغَ بَينَ السَّدَّينِ وَجَدَ مِن دونِهِما قَومًا لا يَكادونَ يَفقَهونَ قَولًا ﴿٩٣﴾ قالوا يا ذَا القَرنَينِ إِنَّ يَأجوجَ وَمَأجوجَ مُفسِدونَ فِي الأَرضِ فَهَل نَجعَلُ لَكَ خَرجًا عَلى أَن تَجعَلَ بَينَنا وَبَينَهُم سَدًّا ﴿٩٤﴾ قالَ ما مَكَّنّي فيهِ رَبّي خَيرٌ فَأَعينوني بِقُوَّةٍ أَجعَل بَينَكُم وَبَينَهُم رَدمًا ﴿٩٥﴾ آتوني زُبَرَ الحَديدِ حَتّى إِذا ساوى بَينَ الصَّدَفَينِ قالَ انفُخوا حَتّى إِذا جَعَلَهُ نارًا قالَ آتوني أُفرِغ عَلَيهِ قِطرًا ﴿٩٦﴾ فَمَا اسطاعوا أَن يَظهَروهُ وَمَا استَطاعوا لَهُ نَقبًا ﴿٩٧﴾ قالَ هـذا رَحمَةٌ مِن رَبّي فَإِذا جاءَ وَعدُ رَبّي جَعَلَهُ دَكّاءَ وَكانَ وَعدُ رَبّي حَقًّا ﴿٩٨﴾ وَتَرَكنا بَعضَهُم يَومَئِذٍ يَموجُ في بَعضٍ وَنُفِخَ فِي الصّورِ فَجَمَعناهُم جَمعًا ﴿٩٩﴾
– سورة الأنبياء : حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ ﴿٩٦﴾ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ ﴿٩٧﴾
التفسير الإجمالي للآيات القرآنية :-
تتحدث الآيات القرآنية عن سؤال وجّه للنبي صل الله عليه وآله حول قصة ذي القرنين ،،،
فهو ممن أتاه الله تعالى الملك و السلطنة وهيّء له كل أسباب القوة والمعرفة بما يتيح له تحقيق الأهداف الإلهية التي أرسل من أجلها، فسلك طريقا إلى غرب الأرض فوجد قوما من الأقوام ووجد نفسه مطالب بالحكم العادل، وكان قراره ان يعاقب من يصر على الكفر والشرك ويجازي التائب، ثم أنه سلك طريقا آخر للمشرق فوجد قوما تباشرهم الشمس بحرارتها القاسية ، ثم سلك طريقه متوجها نحو منطقة تقع بين جبلين ، و التقى بقوم كانوا ولا زالوا يعانون من مشكلة عويصة : وجود جماعة همجية كثيرة العدد تعمل بالناس و الأرض والخيرات قتلا ، ونهبا ، وفسادا ، وتخريبا، ولأن القوم لم يجدوا سبيلا لوقف او محاربة يأجوج و مأجوج فوجدوا في ذي القرنين عليه السلام الحل الشافي ، والأمل الكافي لتخليصهم من يأجوج و مأجوج وعرضوا على ذي القرنين مالا لقاء خدمته ، ولكنه لم يقبل لأن الله عز وجل أعطاه أكثر مما يعرضونه عليه ، ولكنه طلب منهم أن يمدوه بالرجال الأقوياء ، وأن يأتوا له بالمواد الأولية المتوفرة لديهم حتى يبني لهم سدّا من نحاس يمنع يأجوج و مأجوج من الخروج منه وتخطيه ، وهكذا وبعملية إعمارية وكيميائية بني عليه السلام سدا نحاسيا قويا ، لا تستطيع أفواج يأجوج و مأجوج أن تقفز فوقه،ثم أن هذا السد سيبقى حتى يجيء وعد الله عز وجل قبل يوم القيامة.
التفسير التفصيلي للآيات القرآنية:
١- وَيَسأَلونَكَ عَن ذِي القَرنَينِ قُل سَأَتلو عَلَيكُم مِنهُ ذِكرًا ﴿٨٣
الخطاب موجه إلى النبي صل الله عليه وآله ، (عَن ذِي القَرنَينِ ) أي أخبرنا عن خبره وقصته لا عن شخصه كما أورد الطبرسي في تفسيره [ مجمع البيان،ج١٦،مجلد٦،ص٣٧٩] واختلف فيه من هو؟؟وما هي شخصيته وأوصافه؟؟وفي أي زمان كان؟؟وأين كان حكمه؟؟
(قُل سَأَتلو عَلَيكُم مِنهُ ذِكرًا) أي يا محمد قل لهم سأقرأ عليكم منه خبرا وقصة والذكر حضور المعنى للنفس، وقد يكون بالقلب
وهو التفكر ، وقد يكون باللسان وهنا الذكر باللسان كما لا يخفى.
٢-إِنّا مَكَّنّا لَهُ فِي الأَرضِ وَآتَيناهُ مِن كُلِّ شَيءٍ سَبَبًا ﴿٨٤
بسطنا يده في الأرض ، وملكناه حتى استولى عليها ، وقام بمصالحها.وروي عن أمير المؤمنين علي عليه السلام أنه قال: سخر الله له السحاب ،فحمله عليها، ومدّ له في الأسباب،وبسط له النور،فكان الليل و النهار عليه سواء، فهذا معنى تمكينه في الأرض[مجمع البيان،ص٣٧٨].ومعنى قوله تعالى : وَآتَيناهُ مِن كُلِّ شَيءٍ سَبَبًا ، أي أعطيناه كل شيء علما يتسبب به إلى إرادته ،ويبلغ إلى حاجته وقيل معناه آتيناه كل شيء يستعين به الملوك على فتح البلاد ومحاربته الأعداء[مجمع البيان،ج١٦، ٣٨٠].
٣-﴾فَأَتبَعَ سَبَبًا ﴿٨٥﴾
واختلف حول المراد بقوله عزّ وجل على قولين:
الأول: أنه عليه السلام أتبع طريقا من طرقه التي عزم على سلوكها وهو طريق الغرب.
الثاني: أتيع سببا من الأسباب التي أوتي بها في قوله تعالى : (وَآتَيناهُ مِن كُلِّ شَيءٍ سَبَبًا) متفرعا على الأسباب التي أوتيها.
٤-حَتّى إِذا بَلَغَ مَغرِبَ الشَّمسِ وَجَدَها تَغرُبُ في عَينٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَها قَومًا قُلنا يا ذَا القَرنَينِ إِمّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمّا أَن تَتَّخِذَ فيهِم حُسنًا ﴿٨٦﴾
يتحدث القرآن الكريم عن ذي القرنين كيف انه سلك طريقه نحو غرب الدنيا حيث تغرب الشمس، فوصل إلى تلك المنطقة جيث مغرب الشمس، وموقعه في آخر عمارة الدنيا، حيث لم يبق بعد هذا الموضع أي أثر من العمارات. وقال إبن جريح : هناك مدينة لها إثنا عشر ألف باب وهذا من الغرائب.
وعندما وصل عليه السلام إلى موضع مغرب الشمس وجد أن الشمس تغرب في حمئة أي حامية، ومعنى العين الحمئة أي العين المليئة بالطين الأسود،وهي عين حامية وحارة، وعن كعب قال : أجدها في التوراة تغرب في ماء وطين[مجمع البيان، ص ٣٨٠].
وهنالك عدة أقوال بخصوص غروب الشمس في عين حمئة :-
الأول: أنها تغرب في عين حمئة حقيقية، وهذا الرأي بعيد جدا وللرازي في إستبعاد هذا القول :
ثبت بالدليل إن الأرض كرة وأن السماء محيطة بها، ولا شك أن الشمس في الفلك، وأيضا قال تعالى: ((وَوَجَدَ عِندَها قَومًا ))
ومعلوم أن جلوس قوم قرب الشمس غير موجود، وأيضا أن الشمس أكبر من الأرض بمرات كثيرة فكيف يعقل دخولها في عين من عيون الأرض.[التفسير الكبير]
الثاني: أن ذا القرنين لما بلغ موضع الشمس في المغرب ولم يبق بعده شيء من العمارات وجد الشمس كأنها تغرب في عين وهدة الظلام وأن لم تكن كذلك في الحقيقة ،كما أن راكب البحر يرى الشمس كأنها تغيب في البحر إن لم يرى الشاطئ،وهي في الحقيقة تغيب وراء البحار،وهذا ما قرّره العلامة الطبرسي في تفسيره حيث قال : ((وجدها تغرب)) أي كأنها تغرب في عين حمئة.وإن كانت تغرب ورائها لأن الشمس لا تزايل الفلك فلا تدخل في عين الماء، ولكن لما بلغ ذالك الموضع تراءى له كأن الشمس تغرب في عين [مجمع البيان، ج١٦ ، مجلد٦ ، ٣٨٠].
الثالث: إن للجانب الغربي من الأرض مساكن يحيط البحر بها، فالناظر إلى الشمس يتخيل أنها تغيب في البحار، ولا شك أن البحار الغربية قوية السخونة فهي حامية وهي أيضا حمئة لكثرة مافيها من الحمأة السوداء والماء،وقوله تعالى : ((تغرب في في عين حمئة)) إشارة أن الجانب الغربي من الأرض قد أحاط به الأرض وهو موضع شديد السخونة.
أمّ تفسير قوله تعالى: ((وَوَجَدَ عِندَها قَومًا ))
فالضمير في قوله ((عندها)) إمّا عائد إلى الشمس ويكون التأنيث للشمس، وإمّا عائد إلى العين الحامية،ورجّ الطبرسي رجوع الضمير إلى العين لا إلى الشمس.وهكذا وجد عليه السلام أناسا يتصفون بصفة الكفر، فقال له الله عز وجل بإلهام منه: إمّا أن تعذب هؤلاء وإمّا أن تعفو عنهم، وقال الطبرسي: إما أن تعذب بالقتل من أقام منهم على الشرك، وإما أن تأسرهم وتمسكهم بعد الأمر،لتعلمهم الهدى وتستنقذهم من العمى….. فقضى ذو القرنين فيهم بقضاء الله تعالى، وكان عالما بالسياسة.[مجمع البيان،٣٨١]…
٥-قالَ أَمّا مَن ظَلَمَ فَسَوفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذابًا نُكرًا ﴿٨٧﴾
ولما طلب الله عزّ وجل من ذي القرنين عليه السلام أن يحكم في قوم موضع مغرب الشمس، وخيّره الله تعالى في ذلك، حكم بحكم الله عزّ وجلّ فقرّر ما يلي:
أولا: من بقي على الشرك ورفض التوبة والهداية يقتل في الدنيا، ويعذب عذابا أشد وقعا من القتل في الآخرة،فيخسر الدنيا و الآخرة.
ثانيا: من قبل منهم بالهداية ، فسنعفو عنه، ونقول له قولا جميلا.
٦-ثُمَّ أَتبَعَ سَبَبًا ﴿٨٩
أي سلك طريقا آخر من الأرض بغية الوصول إلى الشرق بعدما انتهى من سفره إلى الغرب.
٧-حَتّى إِذا بَلَغَ مَطلِعَ الشَّمسِ وَجَدَها تَطلُعُ عَلى قَومٍ لَم نَجعَل لَهُم مِن دونِها سِترًا ﴿٩٠﴾
وسار عليه السلام في طريقه الإلهي حتى وصل إلى شرق الكرة الأرضية،حيث تطلع الشمس،والتقى هناك بأناس يعيشون في أقرب الأماكن من مطلع الشمس،وأمّا قوله تعالى : لَم نَجعَل لَهُم مِن دونِها سِترًا
فقيل في ذالك قولان :-
الأول: ليس هناك شجر ولا جبل،ولا أبنية تمنع من وقوع شعاع الشمس عليهم،فلهذا السبب إذا طلعت الشمس دخلوا في أسراب واغلة في الأرض أو غاصو في الماء فيكون عند طلوع الشمس مما يتعذر عليهم التصرف في المعاش وعند غروبها يشغلون بتحصيل معاشهم.
قال العلامة الطبرسي في تفسير هذه الآية: ((معناه أنه لم يكن بها جبل، ولا شجر، ولا بناء، لأن أرضهم لم يكن يثبت عليها بناء،فكانوا إذا طلعت الشمس يغورون في المياه والأسراب وإذا غربت تصرفوا في أمورهم.[ص٣٨٢].
عن الإمام الباقر عليه السلام في رواية قال: لم يعلموا صنعة البيوت[مجمع البيان ]
الثاني: أن معناه أنه لا ثياب لهم ويكونون كسائر الحيوانات عراة أبدا، ويقال في كتب الهيئة : ((إن حال أكثر الزنج كذالك وحال كل من يسكن البلاد القريبة من خط الإستواء كذالك)).[تفسير الرازي، ج٢١، ص ٤٩]
٨-كَذلِكَ وَقَد أَحَطنا بِما لَدَيهِ خُبرًا ﴿٩١﴾ وقيل في تفسير هذه الآية أقوال منها :-
الأول: أي علمنا ما كان عند ذي القرنين من الجيوش،والعدة [مجمع البيان، ٣٨٢].
الثاني: أحطنا علما بصلاحه واستقلاله بما ملكنها قبل أن يفعله.[مجمع البيان].
الثالث: جعل الله أمر هؤلاء القوم على ما قد أعلم رسوله صل الله عليه وعلى آله وسلم في هذا القرآن الكريم.
الرابع: كذالك كانت حاله مع أهل مطلع الشمس كما كانت حالته عليه السلام مع أهل مغرب الشمس ،فكما قضى في أولئك قضى وحكم في هؤلاء.
الخامس: أنه عزّ و جل بقوله(كذلك) أي تم الكلام عن قوم أهل مطلع الشمس كما وجدهم ذو القرنين ،وبعد ذلك تحدث الله عزّ وجل عن أنه عزّ وجل كان محيطا بما كان يفعله عليه السلام وهذا يعني أن هذا القول يفرق بين عبارة(كذلك) وبين باقي الآية.وأن لفظ(بما لديه) إشارة لحسن الثناء من الله عزّ وجل على ذي القرنين عليه السلام، وأيضا إشارة على الرضى بأفعاله في جميع أحواله عليه السلام.
٩-﴾ ثُمَّ أَتبَعَ سَبَبًا ﴿٩٢﴾
أي ثم اتبع مسلكا بالغا مما يبلغه قطرا من أقطار الأرض.[مجمع البيان،ص ٣٨٢
١٠-﴾ حَتّى إِذا بَلَغَ بَينَ السَّدَّينِ وَجَدَ مِن دونِهِما قَومًا لا يَكادونَ يَفقَهونَ قَولًا ﴿٩٣﴾
سلك عليه السلام طريقا ثالثا نحو منطقة جبلية ،وبالتحديد ألى منطقة تقع بين جبلين، وقيل أن موضع السدين في ناحية الشمال. وقيل: هما جبلان بين ارمينية وبين اذربيجان.وقيل: في مقطع أرض الترك.
قال الطبري في تاريخه: أن صاحب أذربيجان أيام فتحها وجه إنسانا إليه من ناحية الخزر فشاهده ووصفه أنه بنيان رفيع وراء خندق عميق وثيق منيع.
قال أبو الريحان: مقتضى هذا أن موضعه في الربع الشمالي الغربي من المعمورة.[ تفسير الرازي، ج٢١، ص ٤٩٨ ]
أمّا المراغي في تفسيره[ تفسير الكاشف، ج ١٦، ص ١٥٨] أن موضع السدين يقع وراء جيحون في عمالة بلخ وهو بمقربة من مدينة ترمذ وقد نقل المراغي في ذلك عن مجلة المقتطف لسنة ١٨٨٨، وبما أن موضع السديين أو الجبلين في نفس موضع يأجوج و مأجوج فقد ذكر المراغي أن بلادهم من التبت و الصين إلى البحر المتجمد. [ مجمع البان ] .