“جلوبال ريسيرش” يكشف أسباب امتناع الكيان الصهيوني عن محاربة داعش
نظرا لأن تل أبيب تعي جيدا أن التحالف الدولي والإقليمي لمحاربة “داعش” يحمل في طياته فرصة ذهبية لأطرافه من أجل تحقيق مآرب إستراتيجية تتجاوز هدفه المعلن المتمثل في القضاء على “داعش” وأعوانه من التنظيمات الإرهابية المنتشرة في ربوع العراق وسوريا التي تنذر بالتمدد كالسرطان في سائر أرجاء المنطقة، لم تفكر القيادة الإسرائيلية في توخى السبل الكفيلة بإيجاد موطئ قدم لها في هذا التحالف، بطريقة أو بأخرى وبأية صورة من الصور.
باستثناء بعض التحذيرات والتقارير الاستخباراتية الاحترازية، يكاد يتفق جل الخبراء والمسؤولين الإسرائيليين على عدم وجود تهديد جاد ومباشر لـ”داعش” بالنسبة لبلادهم، فقد أكد كل من وزير الدفاع الإسرائيلى “موشيه يعالون” ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق الذي يترأس معهد أبحاث الأمن القومي بجامعة تل أبيب “عاموس يادلين” أن تنظيم “داعش” لا يشكل خطرا على إسرائيل.
وفي هذا السياق، قال موقع “جلوبال ريسرش” البحثي إن التحدي الذي أوجده تنظيم داعش في المنطقة، دفع كل من الولايات المتحدة وأوروبا والسعودية والعديد من الدول العربية لتكوين تحالف دولي ضد التنظيم الإرهابي، تلك الحرب تأخذ أولوية في منطقة الشرق الأوسط، ولكنها ليست من بين أولويات إسرائيل.
ويوضح الموقع أنه على رأس الأولويات الإسرائيلية خلال الفترة الراهنة مبادرة المعارضة السورية والتي تكمن شروطها في توقيع معاهدة سلام مع تل أبيب قبل سحب قواتها من مرتفعات الجولان السوري المحتل والأراضي الفلسطينية وأراضي جنوب لبنان، ولهذا الغرض إسرائيل عازمة على كسر سوريا والتحالف الإيراني الذي يقف عقبة رئيسية أمام تحقيق أهدافها، فتغير النظام في دمشق يعد خطوة إلى الأمام لتحقيق أهدافها الإستراتيجية.
ويشير “جلوبال ريسيرش” إلى قول رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” بأن هزيمة داعش وترك إيران كقوة نووية هو أحد أنواع كسب المعركة وخسارة الحرب، مضيفا أنه لذلك لا ينبغي أن تكون عدم محاربة إسرائيل لداعش أمر مفاجئ، فحتى الآن لم تتخذ الحكومة الإسرائيلية أي خطوة فورية ضد التنتظيم الإرهابي، ولكن المعلومات تطفو على السطح في الاتجاه المعاكس، حيث تمكين داعش والجماعات الإرهابية الأخرى للقتال الداخلي داخل سوريا.
نقلت صحيفة “هآرتس” الصهيونية في 31 أكتوبر الماضي تصريحات أحد كبار ضباط القيادة الشمالية الإسرائيلية، والذي أكد أن الولايات المتحدة أرتكبت خطأ كبيرا حين قررت القتال ضد داعش، فهم الآن على نفس الجانب مع حزب الله وإيران والرئيس السوري “بشار الأسد”.
ويضيف “جلوبال ريسيرش” أن الرئيس الأمريكي “باراك أوباما” أعطى الضوء الأخضر لإسرائيل لدعم المتمردين السوريين وغير السوريين، كما أن التصريحات السورية تؤكد على دعم وتنسيق إسرائيل بشكل وثيق مع الإرهابيين في سوريا، لافتا إلى أن التصريحات الإسرائيلية تدعي أنها تقدم الدعم الإنساني للمعارضة السورية المعتدلة، والتي تعهدت الولايات المتحدة بتدريبها، وخصصت جزء كبير من ميزانيتها التي أقرت في 19 ديسمبر الجاري، للتدريب.
ويوضح “جلوبال ريسيرش” أن المعارضة السورية لا تشكل صداعا لكل من إسرائيل والولايات المتحدة، حيث تبقى في صفهم نظرا للمساعدات المالية والأسلحة، ولكن زعم الدولة الصهيونية بتقديم مساعدات إنسانية طعن في حقيقة أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي لاتزال تغلق أبوابها أمام اللاجئين المدنيين السوريين، ولكن تفتح للجرحى من المعارضة وداعش، حيث تعالجهم في المستشفيات الإسرائيلية وتسمح لهم العودة إلى أرض المعركة بعد الشفاء.
تستفيد إسرائيل من الحرب على الإرهاب دعائيا وإعلاميا لتنفي التهمة عن نفسها وتقول إن الارهاب موجود على أبوابها ويتمثل في حركات المقاومة الفلسطينية، ولذلك لا بد من نزع سلاحها قبل إعمار غزة، ولا بد من تدمير الأنفاق، ولا بد من اتخاذ كل الاحتياطات الأمنية وإطلاق يد إسرائيل في الدفاع عن أمنها ومصالحها الاستراتيجية من دون أي لوم أو عتاب.
وفي الخارج، تقول اسرائيل إن الإرهاب على بابها في الجولان، وعلى الحدود الأردنية، وفي ما يواجهه النظام هناك من تحديات ومخاطر وعلى الحدود المصرية في سيناء، وبالتالي لا بد من توفير كل الحمايات لها وفي كل الاتجاهات، ولكن العكس الذي يحدث، حيث تدعم تلك الجماعات الإرهابية لتمزق الدول المحيطة بها، حيث إن ايدولوجية الجماعات المتطرفة وإسرائيل متطابقة.