رفع الدعم لخدمة البعض وليس للوطن
باسل الجاسر
على إثر مقال الأحد الماضي جاءتني معلومات حقيقية انها فاجأتني، فالأولى زادت غضبي عندما علمت بأن كل الشركات والمصانع لم ترتفع عليها قيمة الديزل وهي مازالت تحصل عليه مدعوما؟ والثانية أن للديزل في الكويت قصة ويجب أن يعرفها أهل الكويت، ففي وطننا العزيز سوق سوداء عامرة لبيع الديزل «وقد تكون هناك سوق مماثلة للكيروسين سأبحث مستقبلا عن أسرارها» كانت موجودة قبل رفع الدعم عن الديزل وكانت عامرة وكان سعر ليتر الديزل فيها 70 فلسا عندما كان يباع المدعوم 55 فلسا، وهنا يبرز سؤال من يشتري منهم والحكومة تبيع الديزل بالمحطات للكافة؟ وهو سؤال مهم والإجابة عنه اهم، فعندما كانت الحكومة تبيع الديزل على الكافة وهو مدعوم ظهرت لنا مافيا تهرب الديزل للخارج، وعندما زاد الحديث واللغط حولها، قامت الحكومة بتقنين كميات بيع الديزل فقامت بتقدير الكميات التي تحتاجها المصانع المختلفة وكل من يستهلك الديزل بكميات محددة بما فيها المخابز وسفن صيد الأسماك بل وحتى المخابز الإيرانية..
ولكنها لم تعطها كفايتها بل قامت بتقليل الكميات التي تحتاجها هذه المصانع والمنشآت الصناعية، فعلى سبيل المثال منشأة تستهلك في الشهر 90 ألف ليتر ديزل تخصص لها الحكومة 30 ألف ليتر وتتفاوت النسبة بين منشأة وأخرى فتزيد الكمية وتنخفض بحسب شخص صاحب المنشأة ونفوذه فإن كان نافذا فإنه يأخذ أكثر من احتياجه فأحدهم وهو نافذ احتياجه 90 ألف ليتر وتم إعطاؤه 200 ألف ليتر ولكن هذه الفئة محدودة جدا.
المهم أن هذه المصانع لا تحصل على احتياجها الفعلي وإنما يتم تخفيضه فتقوم هذه الفئات بتعويض احتياجها من الديزل من السوق السوداء، وكان الفرق محدودا وهو 15 فلسا فكان الأمر مهضوما، إلا أن تجار سوق السوداء واضح أن لهم بابا مع الحكومة مفتوحا على مصراعيه ويبدو انهم تضرروا كثيرا نتيجة بيعهم بهذا الفارق البسيط (15فلسا) فقرروا مضاعفة أرباحهم فجاءنا قرار رفع الدعم عن الديزل الذي انطلق بسرعة البرق وتجاوز كل أشكال بيروقراطية الحكومة التي عطلت تنمية البلد، وهو قرار توقعت بل إنني وصفته بأنه قرار وطني وانه مستحق.
ولكن وللأسف الشديد واضح أن وراء الأكمة ما وراءها، خصوصا إذا ما علمنا بأن الحكومة وبعد رفع الدعم أصبحت تبيع ليتر الديزل 170 فلسا بينما يباع في السوق السوداء بـ 150 فلسا والمصانع ستضطر لأن تعوض الفرق بين ما تمنحه الحكومة من كميات مدعومة واحتياجها الفعلي من السوق السوداء التي رفعت أسعارها من 70فلسا إلى 150فلسا؟
إذن المستفيد من قرار رفع الدعم عن الديزل هم تجار الديزل في السوق السوداء، وهم أيضا الذين استفادوا من تقنين بيع الديزل على المصانع، وهم أيضا الذين كانوا سيستفيدون من تهريبه قبل قرار تقنين كميات الديزل.
ويبقى السؤال الأهم والأخطر وهو من أين يأتي تجار الديزل بهذه الكميات الكبرى منه فاستيراده ممنوع، ولا يعقل ان يتم ذلك من خلال تهريبه ذلك ان إدخاله مستحيل من المنافذ البحرية والبرية فرجال الجمارك موجودون وهذه الكميات تحتاج شاحنات ويستحيل إخفاؤها؟ وأخشى ما أخشاه أن يكون تجار الديزل يسرقونه من الحكومة أو يشترونه بأسعار تشجيعية من أحد الفاسدين؟ ومع ذلك فإن الحل ان كانت الحكومة جادة في حل أزمة الديزل، ورفع تداعياتها عن كاهل الموطن وخصوصا الطبقة المتوسطة التي عانت الأمرين من تخبطات هذه الحكومة.
أقول «ان كانت جادة وانا على ثقة بأنها ليست كذلك» فإن الحل بسيط جدا وهو يتمثل في إعادة النظر في تقدير الكميات التي تحتاجها المصانع وكل القطاعات الأخرى التي كانت تخصص لها الحكومة كميات من الديزل وتعطيها احتياجها الفعلي كاملا، فتنتهي المشكلة من كافة جوانبها، فيمر قرار رفع الدعم عن الديزل مرور الكرام، ويتم رفع الضرر عن المنتجين ويرتفع الضرر عن المواطن، وتستفيد الخزانة العامة،
والأهم وهو ما لا يريده البعض بالحكومة انه سيتم إغلاق السوق السوداء للديزل لأنها لن تجد من تبيع له.. فهل من مدكر؟
baselaljaser@hotmail.com
baselaljaser@