مقالات

أهلاً وسهلاً بضيف الكويت الكبير

جواد أحمد بوخمسين

حلّ علينا يوم أمس ضيفاً عزيزاً على الكويتيين، حلّ علينا فخامة رئيس جمهورية مصر الحبيبة عبدالفتاح السيسي ضيف سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد – حفظه الله ورعاه -.
وما بيننا وبين مصر والمصريين أمور كثيرة وكبيرة رابطها المحبة والأخوة والشهامة والكرم، ففي ثلاثينيات القرن الماضي كانت مصر ترسل لمعظم الدول العربية بعثات المدرسين والخطباء والأطباء، وكان للكويت نصيب وافر من هذه البعثات، وكان هذا الموقف المصري الرائع ولايزال مثار إعجاب كل الشعوب العربية، وهذا ما جعل لمصر مكانة كبيرة وعظيمة في نفوس كل العرب.
وحينما بدأت الكويت نهضتها في خمسينيات القرن الماضي كان المصريون من مستشارين وقضاة ومدرسين وأطباء وممرضين ومهندسين لهم السبق في المساهمة بتأسيس أجهزة الدولة وإثراء القطاع الخاص بالخبرات وتأسيس البنية التحتية للكويت. كما أن كبار الفقهاء الدستوريين في مصر ساهموا في صياغة دستور 1962.
ولعل من أهم مساهمات مصر في حماية الكويت ذلك الموقف المصري الرائع حينما طالب الرئيس العراقي الأسبق عبدالكريم قاسم بضم الكويت في العام 1961 فما كان من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الا المسارعة بتشكيل قوة عسكرية عربية للدفاع عن الكويت كان لها الأثر الأكبر في انقلاب المواقف الإقليمية والدولية آنذاك ضد قاسم حتى أُجبِرَ على التخلي عن فكرة الضم. أما في حربي 67 و73 مع اسرائيل فان الدم الكويتي امتزج بالدم المصري على ثرى مصر الطاهرة، وكان لمواقف مصر العظيمة المساندة للكويت منذ الساعات الأولى للغزو الصدامي للكويت ومن ثم المساهمة العسكرية الفعالة في حرب تحرير الكويت أكبر الأثر في نفوس الكويتيين.
وحينما نقول إن ما بين الكويت ومصر روابط كبيرة ومواقف رائعة متعددة فهذا أمر لا يحتاج إلى بيان، ويكفينا أن نعرف أن إخواننا المصريين العاملين في الكويت تعادل نسبتهم نصف تعداد المواطنين تقريباً، كما أن نسبتهم من إجمالي السكان تبلغ نحو 20 في المئة، ويساهمون في كل القطاعات التنموية والإنتاجية في القطاعين العام والخاص، وهم يحظون بكل الاحترام والتقدير بيننا، وهذا يدل على أن مصر والكويت روح واحدة في جسدين.
كما أن المستثمرين الكويتيين يُعدّون من أوائل المستثمرين العرب في مصر وحتى الطلبة الكويتيين الدارسين في مصر هم من أكثر الطلبة العرب الذين يدرسون في مصر، وتتنوع دراساتهم على شتى التخصصات.
وأنا شخصياً تشرفت بأن أكون من ضمن المؤسسين للمجموعة الكويتية الاستثمارية لدعم دول المواجهة مع الكيان الصهيوني وكنت نائباً لرئيس المجموعة، وكنت أمثل القطاع الخاص الكويتي فيها وكانت المجموعة عبارة عن شركة مدعومة من الحكومة الكويتية ومقرها في مصر، وبنينا من خلالها الفنادق والمصانع وكثيراً من المشاريع الاستثمارية المتنوعة، وكانت فكرة إنشاء المجموعة رسالة للقطاع الخاص الكويتي بأهمية الاستثمار في مصر بكل المجالات. ولقد استلهمت من رسالة المجموعة الكويتية للاستثمار لدعم دول المواجهة بأنني قمت بالاستثمار في مصر في العديد من القطاعات المصرفية والسياحية والفندقية والإنتاجية، كما انني عكست هذه الرسالة على أعمالنا في الكويت حتى بلغ عدد المصريين العاملين في مجموعة بوخمسين القابضة نحو خمسة آلاف فرد.
وحينما استذكر المواقف الطيبة لمصر بلداً ورجالات فإنه لا يمكنني أن أنسى زيارتي لدولة رئيس الوزراء عاطف صدقي بعد التحرير مباشرة لأعبر عن جزيل شكري لمصر حكومة وشعباً على موقفهم العظيم في المساهمة بتحرير الكويت من براثن الغزو الصدامي، ولأبارك لمصر عودة الجامعة العربية إلى أحضان مصر الحبيبة، وكانت هذه الزيارة نابعة من احساسي بأهمية الدور المصري بالتحرير كوني من الصامدين في الكويت اثناء الغزو وشاهدنا بأم أعيننا ويلات الغزو وأهواله لذلك كان الإحساس بأهمية دور مصر في التحرير نابعا من شعوري وشعور كل الصامدين والكويتيين عموما، وقد طرحت على دولة الرئيس عاطف صدقي فكرة تأسيسي للمعرض الدائم للمنتجات المصرية في الكويت شكراً وعرفاناً لمصر العظيمة، ووافق دولة الرئيس صدقي على الفكرة وتحمس لها وقرر دعمها، وفعلاً هذا ماكان، فقمت بإنشاء المعرض وتجهيزه وحينما جاء موعد افتتاحه، قمت بتوجيه دعوة لدولة رئيس الوزراء صدقي لافتتاح المعرض، فجاء على رأس وفد رسمي حكومي وتجاري بلغ عدد الوزراء فيه نحو 18 وزيراً، وقد عرض سمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله – رحمه الله- إرسال طائرة أميرية خاصة تقل الوفد، فاعتذر دولة الرئيس صدقي وقال انه سيأتي بطائرة مصرية تقديراً ودعماً للفكرة لأن الدعوة جاءته من جواد بوخمسين بصفة شخصية، وحل ضيفاً على الكويت وعلى أخيه سمو الشيخ سعد – رحمه الله-.
كما لا أنسى من المواقف الجميلة التي تربطني بمصر الحبيبة، الكلمات التي قالها لي دولة رئيس الوزراء المصري الأسبق الدكتور فؤاد محيي الدين حينما ذهبت والتقيته ومجموعة معي لطلب ترخيص البنك المصري الخليجي فقال: إن مصر بلد الكويتيين كما أن الكويت بلد المصريين، وبقيت هذه الكلمات في ذاكرتي حتى هذه اللحظة.
ومن الأمور التي أفخر بها في علاقتي بمصر بلداً وشعباً حينما كنت رئيسا للبنك المصري الخليجي كان الأخ محمد بركات نائبا لي والعضو المنتدب للبنك، وبعدها قامت الحكومة بتعيينه رئيساً لبنك مصر، فقمت باختيار وتعيين الأخ هشام رامز كعضو منتدب بالبنك بديلا لبركات، وبعد أن أثبت نجاحه معنا في البنك تم تعيينه رئيسا لبنك قناة السويس وبعدها عُيّن محافظاً للبنك المركزي، وحينما قلت ممازحا دولة رئيس الحكومة الأسبق الدكتور أحمد نظيف في إحدى زياراته للكويت: انكم اخذتم مني أكبر الكفاءات وأهمها، رد قائلاً: ألست سعيداً بأن هذه الكفاءات خرجت من مؤسسات تديرها أنت شخصياً؟ فقلت له: إنكم أنتم مَنْ بدأتم بتدريبنا في مجالات كثيرة، وجاء وقت رد الجميل وبالفعل أنا لست سعيدا فحسب، بل أنني فخور أيضاً بأن كفاءات بمستوى محمد بركات وهشام رامز عملوا معي وعملت معهم. ومن المفارقات أيضاً أن الحكومة المصرية قامت أيضاً بتعيين الأخ محمد الأتربي عضو مجلس ادارة البنك المصري الخليجي رئيساً لبنك مصر، كما أنهم اختاروا الأخ أشرف سالمان عضو مجلس إدارة البنك كوزير للاستثمار.
أعود لأقول: إن الكويتيين يستثمرون في مصر الحبيبة منذ مايزيد على نصف قرن، وأنا شخصياً تعود استثمارات مجموعتنا في مصر الى ما يقارب الأربعين عاماً، واذا كان الدعم السياسي لمصر يأتي من حكومتنا الرشيدة، فان الدعم التجاري والاستثماري والتنموي يأتي من أعمال واستثمارات القطاع الخاص، خاصة بعد المحنة الأليمة التي هزت مصر في العامين الماضيين وكادت تضيع مصر وتدخل في دوامة القتل والدم بسبب طمع جماعة تواقة للوصول إلى السلطة ولا يهمها في سبيل تحقيق أهدافها ان تقلب احوال مصر رأسا على عقب، لكن الله سبحانه وتعالى هيأ لمصر جيشها العظيم الذي حفظ أمن مصر ومواطنيها وكل مَنْ يعيش على أرضها بقيادة فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي فتم إخماد الفتنة في مهدها تحقيقا لقول الله عز وجل: ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين.
فخامة الرئيس:
إننا لن نتخلى عن مصر أبداً باذن الله، وأنا إذ أتحدث عن نفسي، فإنه يمكنني أن أقول: ان استثمارات مجموعتنا في مصر في مجالات التطوير العقاري وإنشاء المشاريع الإسكانية والمشاركة في مجال التصنيع لن تتوقف.
فخامة الرئيس:
إن الكل يتطلع اليوم الى دوركم الكبير في حماية مصر من عبث العابثين، فمصر كما أنها ملاذ آمن لجميع المصريين فانها أيضا ملاذ لجميع العرب الشرفاء وسندٌ لهم في الأوقات العصيبة.
فخامة الرئيس:
إن مصر التاريخ، ومصر الحضارة، ومصر العراقة، ومصر الشموخ، تتطلع إليكم بكل الرجاء والأمل بأن تنهضوا بها، وأنتم يا فخامة الرئيس أهلٌ لهذا الدور والمقام.
فخامة الرئيس:
وطئت أهلاً وحللت سهلاً، فأنت بين أهلك وفي وطنك، وليحفظ الله مصر من كل شر.
وحفظ الله الكويت وأميرها وشعبها من كل مكروه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.