غضب الصهاينة مفهوم ولكن أميركا..؟
باسل الجاسر
بعد أن رفض مجلس الأمن الدولي مشروع القرار العربي الفلسطيني لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية «بما يعني إقرار مجلس الأمن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية كنتيجة لحرب 67 وتناقضه مع قرارته السابقة» وبعد انسداد أفق المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية بعد أكثر من 20 عاما من المفاوضات العقيمة، بسبب الطمع والطغيان الصهيوني، وغياب دور الراعي الأميركي الذي بات تابعا خاضعا للإرادة الصهيونية، أي بعد كل هذا الصبر والمعاناة قررت القيادة الفلسطينية الذهاب للتوقيع على أكثر من عشرين اتفاقا ومعاهدة دولية أهمها ميثاق روما تمهيدا للانضمام لمحكمة الجنايات الدولية.. ومحكمة الجنايات الدولية أثارت غضب بل جنون الحكومة الصهيونية فجعلتها تمارس القرصنة من خلال إعلانها مصادرة الضرائب التي تجبيها لمصلحة السلطة الفلسطينية.
وهذا مفهوم فالحكومة الصهيونية معظم ممارساتها تجاه الشعب الفلسطيني تعتبر جرائم حرب، ويصنفها القانون الدولي كذلك ومحكمة الجنايات الدولية معنية بتطبيق القانون الدولي في هذا الجانب، وانضمام السلطة الفلسطينية لهذه المحكمة يتيح لها تقديم شكوى ضد الكيان الصهيوني، وملاحقة قادة هذا الكيان الإرهابي جنائيا وحتى إذا امتنعت إسرائيل عن تسليم قادتها لهذه المحكمة لمحاكمتهم، فإنهم سيمتنعون عن زيارة معظم الدول الأوروبية خوفا من الملاحقة.. لذلك فعندما يغضب الصهاينة الإرهابيون من القرار الفلسطيني فهذا أمر مفهوم بل هو طبيعي ومتوقع، لكن العجيب وغير المفهوم هو الغضب الذي أعلنت عنه الإدارة الأميركية وتهديدها بتجميد المساعدات التي تقدمها للسلطة الفلسطينية إذا لم تتراجع عن قرارها؟ فكيف تغضب أميركا التي هي مقر ومركز منظمة هيومن رايتس وتش ومركز منظمة العفو الدولية وغيرهما الكثير من المنظمات المعنية بمتابعة وحماية حقوق الإنسان، والتي تحميها وتلاحق المتعدين عليها هي محكمة الجنايات الدولية؟ أم انهم يرون حقوق الشعب الفلسطيني الإنسانية خارج نطاق الحماية الدولية؟ والأهم أن الإدارة الأميركية تغفل عن أمر مهم جدا وهو أن ممارسات الكيان الصهيوني وتعنته في إنهاء احتلاله للأراضي الفلسطينية ودعمها له في هذا التعنت ومعاقبتها للسلطة الفلسطينية وحرمانها، يعني استمرار وإطالة عمر احتلال القدس، وبالتالي حرمان جميع المسلمين من أولى قبلتيهما، ما يبقي المادة الأساسية لتوليد وانتشار وتعميق الفكر المتطرف والإرهابي.
فداعش والقاعدة وقبلهما تأسست حركة الإخوان المسلمين، التي على أساس فكرها وتكفيرها نشأت كل هذه الحركات المتطرفة، وجميعها تدغدغ مشاعر المسلمين في كل أصقاع الأرض بتحرير فلسطين وتحرير الأقصى، ويقولون لهم هذا يتطلب إنشاء الدولة الإسلامية ويخدعون الناس بمقولة إن صلاح الدين الأيوبي لم يحرر القدس إلا بعد أن وحد الأمة الإسلامية، وشتان بينهم وبين صلاح الدين رحمه الله وهذا وان كان محض دجل، ولكن للأسف الشديد يوجد الكثير من السذج الذين يصدقون مثل هذا الهراء، لذا وجدنا لديهم الكثير من الشباب الانتحاريين الذين يفجرون بأنفسهم ليس في سبيل داعش أو القاعدة وإنما في سبيل تحرير القدس وأميركا باعتراضها ودعمها اللامحدود للأطماع والصلف الصهيوني، وهي في الواقع تدعم وتعزز هذه التنظيمات وتقنع الكثير من الشباب بالانخراط فيها.. ناهيك عن كون أميركا بالحقيقة والواقع تحمي إرهابيي الكيان الصهيوني.. وواقع الأمر أنني كمواطن مسلم معتدل احتاج لتوضيح أسباب هذه المواقف الأميركية فكيف تحارب الإرهاب الذي يمثله داعش والقاعدة وفي الوقت ذاته تدعم الإرهاب الذي يمارسه الكيان الصهيوني؟! وكيف تحارب التنظيمات المتطرفة وهي تدفع لهم الشباب المتحمس دفعا؟! انها بالفعل طلاسم نحتاج من الإدارة الأميركية فك رموزها.
فهل من مدكر؟
baselaljaser@hotmail.com
baselaljaser@