أنا شارلي.. بكل اللغات
نعم انا شارلي الفرنسي وشارلي اليمني وشارلي الكيني وشارلي الاميركي والعراقي، انا شارلي السوري والمصري، انا كل شارلي يسقط قتيلا بسبب الارهاب، الذي يستخدم اداة للتعبير عن الاختلاف، الارهاب الذي لا يتحدث سوى لغة القنبلة والرصاصة والسكينة وحتى السيف كأداة للتعبير عن اختلاف الرأي.
انا شارلي بكل اللغات، ضد العنف كله في اي مكان واي زمان، العنف الذي يلون بدماء الابرياء ودماء من لا يعجبنا رأيهم، العنف الذي آن الاوان لنقف كلنا ضده مهما كان مصدره.
ما حصل في فرنسا خلال الايام الثلاثة الماضية من مشهد دموي قتل فيه مرتكبو مذبحة صحيفة «شارلي ايبدو» وضحايا هذه المذبحة، وبعض المحتجزين في مواقع اخرى بفرنسا، كان لطمة لنا نحن المسلمين في كل مكان داخل فرنسا واوروبا وخارجها، ولنستعد لموجة الكراهية المتجددة التي ستهب علينا بعد هذا كله.
موجة العنف التي تجتاح العالم تعبيرا عن حقد ديني او تاريخي او اصولي، مهما كان مصدره واساسه، وبغض النظر عن جنسية ضحاياه ومجرميه مرفوض مرفوض. الكلمة لا تحاج الا بالكلمة ولا يرد عليها الا بالكلمة.
هذا النوع من الاجرام ترفضه الاخلاق والدين والتربية، وعلينا اقتلاع بذرته من تربتنا قبل ان ينمو رأس جذرها من خلال مثلث، اضلاعه الثلاثة هي.. المناهج الدراسية والتربوية والبيت والاعلام، والمسؤولية كل المسؤولية على الحكومات.. واولاها حكوماتنا.
ما حصل في فرنسا هو 11 سبتمبر ثان على ارض اوروبا، وسنبدأ من اول السطر في جني كراهية وعنصرية غربية ضدنا كمسلمين، كنا قد قطعنا شوطا في تلميم جراحها بعد موجة الكراهية والعنصرية التي لفحتنا بعد اعتداءات 11 سبتمبر.
بغض النظر عن جنسية الجناة وجنسية الضحايا، وبغض النظر عن موقع الجريمة وزمانها، وبغض النظر عن نوايا الجريمة واسبابها، وبغض النظر عن قبول او رفض من يقرأ هذه السطور، فأنا شارلي بكل اللغات.
شارلي العربي وشارلي الاوروبي وشارلي الاسيوي والافريقي والاسترالي والاميركي، كل شارلي يقمع رأيه بالسلاح.. وبالدم.
نحن المسلمين نملك ارثا دينيا لا يُضاهى دين اخر من السماحة والمحبة والمودة، كان يفترض ان نقنع بها كل شعوب العالم من خلال الحجة والمقارعة بالكلمة الحسنة وشواهد التاريخ، لا ان نتجاوز كل هذا، ونقفز عليه بالقنابل والرشاشات والسكاكين، تكون نتيجته معاكسة تماما.. تماما.
ان التعبير عن الخلاف بالرأي بواسطة السلاح وبالعنف دليل على شيء واحد فقط، هو العجز عن اثبات الحجة او تغيير الصورة بالحقائق وبالكلمة المقنعة.
في لقاء تلفزيوني مع صاحب برنامج خواطر، الذي يسلط الضوء على سلوكيات الاسلام الايجابية حول العالم، احمد الشقيري، علق على العنف دفاعا عن الاسلام، ان هناك شعرة بين الغضب لله والغضب للنفس، وان هناك آيات تشير الى ان التعامل مع المستهزئين بالدين: «إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ»..
حيث انه لا يوجد هناك شيء يقول ان الرد على الاستهزاء لا يكون بالقتل.. بل لنغضب للرسول باخلاق الرسول.
ونبه الشقيري الى نقطة غاية في الاهمية حين قال ان هناك افلاما استهزأت بالله من خلال بعض رسله، وفيها اهانة لنبي او اكثر من انبياء الله، ولم يغضب احد حتى هؤلاء.. لماذا؟
اقبال الأحمد
Iqbalalahmed0@yahoo.com
Iqbalalahmed0@gmail.com