اشمعنى؟!
بغباء شخصي.. وقلة إدراك.. وعدم وزن الفعل برد الفعل.. وبحماس قلب المعادلة رأساً على عقب.. ومن دون النظر إلى أبعد من الشبر للمستقبل وما يحمله من نتائج غير متوقعة على أمة كاملة.. تم تقديمها بصورة أقل ما يقال عنها صورة يحيطها الغموض لما هي مقدمة عليه غداً.
جريمة صحيفة شارلي إيبدو، التي انتفض لها العالم الغربي بشكل لم يشهد له نظير، أتت بالضبط وبنسبة مئة في المئة برد فعل مضاد للهدف المراد منها.. من ارتكب هذه الجريمة أراد الرد على كاريكاتير هش يجب ألا يحط أو يقلل من قيمة سيد الخلق، لأنه أعلى وأكبر من كل هذا، وكان رده لطمة بوجه أمة الإسلام كلها.. كيف؟
بعد هذا الهجوم وما لحق به هجوم آخر على أحد محلات الأطعمة اليهودية.. فُتحت الأبواب واسعة أمام هذه الصحيفة، وأمام اليهود وأمام إسرائيل أيضاً.. حين قدّمت الحكومة الفرنسية وبشكل غير متوقع معونة مالية لهذه الصحيفة التي كانت قد قاربت على الإفلاس، بسبب ضعف توزيعها ولخلوها من باب الإعلانات.. وقدّمت لها مليون يورو، إضافة إلى التعاطف الشعبي الذى فتح باب التبرعات والعون المادي لها.
هذه الصحيفة التي كان لا يزيد توزيعها على 30 ألف نسخة يومياً فقط في محيط فرنسا كلها.. تستعد الآن لطباعة رقم خيالي لم تحلم به في عمرها كله.. ثلاثة ملايين نسخة لإرضاء كل الأيدي الممتدة لها لتقرأها وتتعرف إليها بعد هذا الحادث الشائن.
المضحك في الموضوع أن من قتل الرهائن اليهود في المتجر اليهودي قال إنه قام بذلك من أجل فلسطين.. التي لا يعرف أنه أضرها بغبائه حين أتاح الفرصة واسعة لرئيس وزراء إسرائيل نتانياهو للترحيب بكل يهود فرنسا ودعوتهم للنزوح إلى إسرائيل لتوفير الأمان لهم هناك.. مما سيتيح له الفرصة، أيضاً، للتمدد في بناء المستوطنات من دون أي إزعاج من الشرق أو الغرب.
السلطة الفلسطينية لم تدخر وسعاً وجهداً في سبيل إقناع الغرب بضرورة الضغط على إسرائيل للتوقف عن بناء المزيد من المستوطنات وهي تتمدد على حساب الفلسطينيين أهل الأرض.. وجاء امادي كوبالي الأفريقي.. ليقدم لنتانياهو خدمة على صحن من ذهب.. ويقول له: تمدد كما تشاء وأينما تريد.
حين وزعت صحيفة كويتية قبل سنوات، وبتمويل من شخصية دينية كويتية متطرفة، في طرحها «برشوراً» رُسم عليه صليب، وقد وضع داخل مرحاض، في تصرف أقل ما يقال عنه إنه فكر مريض وموبوء.. لم ينتفض الغرب ولم يقتل ولم يفجر ولم يقطع رؤوساً.. ولم ينتقم مسيحيو العالم والكويت، الذين شعروا بالتأكيد بإهانة دينهم ونبيهم.. حتى أن هذه الشخصية دأبت على استفزاز كل من هو غير مسلم سني.. بأسلوب رخيص ومستهجن.. ولم يتحرك أحد.. لا داخل الكويت ولا خارجها.. لماذا؟
إقبال الأحمد
Iqbalalahmed0@yahoo.com
Iqbalalahmed0@gmail.com