مقالات

على رأس جدول أعمال مجلس الوزراء

ناقوس الخطر دقَّ ويدقُّ كل يوم، بل إنه لم يتوقَّف عن الرنين منذ سنوات طويلة عندما ذبلت وبهتت قيم المواطنة والانتماء لهذا الوطن الذي أعطى وأعطى، الى ان رفسته الاغلبية وأبعدته عن اولوياتها، واتت بمسند آخر تستند إليه، وتسند ظهرها فيه.

ناقوس الخطر الذي أطلقته دراسة د. علي الزعبي استاذ الانثروبولوجيا بقسم علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية بجامعة الكويت، هي واحدة ضمن سلسلة من نواقيس الخطر التي يعلو صوتها مع كل سلبية نعيشها في هذا المجتمع، لمجرد اننا تخلينا عن وطنيتنا ومواطنتنا من الوطن الى المذهب والقبيلة والطائفة.

من يتحمّل وزر هذا الخلل؟! من يتحمل مسؤولية احلال القبيلة والطائفة والمذهب محل الوطن في الانتماء؟.. هل هو الدولة، أم الاعلام، ام العملية التربوية، أم المسجد، أم البيت.. أم ماذا؟!

دراسة د. الزعبي حمّلت الدول، بمعظم مؤسساتها غير الفاعلة، المسؤولية الاولى عن ظهور الطائفية ـــ التي جاءت لتحقيق مكاسب سياسية بغلاف ديني ـــ موضحة ان التعليم الرسمي وغير الرسمي بدأ يستغل في تنمية القيم الطائفية والمذهبية والعنصرية، بمعدل يفوق.. لاحظوا يفوق تنمية القيم الايجابية والانتماء للوطن، خاصة ان التعليم يُعد أحد أهم مقوِّمات التنشئة الاجتماعية.

هذه الدراسة الاكاديمية الممتازة التي حملت عنوان «مسبِّبات وآثار الطائفية، دراسة تحليلية لبعض النماذج في المجتمعات الخليجية والعربية».. يجب ان توضع على رأس جدول اعمال مجلس الوزراء الموقّر في أول اجتماع آتٍ له، لعل وعسى نلحق على ما تبقى من وطنية ضائعة هنا وهناك، نجمعها وننميها لتأكل اي انتماء آخر امتد ودخل بيوتنا ومدارسنا وديوانياتنا.. وشوارعنا، أيضاً.

الديموقراطية الحقة والعدل والمساواة والتعايش، واحترام كلّ طوائف المجتمع وافراده.. هي أهم ركائز القضاء على اي مرض مجتمعي يأكله من الداخل، فيشلّه ويعيق حركته، لأن الطائفية والمذهبية والقبلية هي ملجأ من يظلم ومن يجد نفسه خارج دائرة الحقوق وداخل دائرة الواجبات.. فيبحث عمَّن يأخذ حقه ويعيد إليه انسانيته ومواطنته، فيجده في القبيلة والمذهبية والطائفية.

التجمّعات السكانية التي فرضت على المجتمع الكويتي لأغراض سياسية فتَّتته وقضت على تواصله.. فحتى تضمن الحكومة أصواتاً مؤيدة لفلان وعلان في زمن ما.. مزَّقت الثوب الوطني ورقّعته، وحاولت إلباسه هذا الوطن الذي ما زال، ومنذ ذلك الحين يعاني ضيق الكتف، ووسع الخصر، وتشوّه قَصّة الرقبة، لان الثوب جاء مهلهلا بشعاً، لا يركب أبدا على قوام كان يوما من الايام رشيقاً جميلاً.

مجلس وزرائنا الموقّر.. استمع الى هذا الناقوس.. لو سمحت.

* * *

نحن إذ نعزي الشعب السعودي بوفاة الملك عبدالله، نهنئه على انجازات الملك ـــ رحمه الله تعالى ـــ ونهنئه أيضاً بالآتي على يد الملك الجديد الملك سلمان.

إقبال الأحمد

Iqbalalahmed0@yahoo.com

Iqbalalahmed0@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.