كل العورات انكشفت.. بعد إغلاق الوطن!!
هاهم تجرأوا وفعلوها! اغلقوا «الوطن».. احدى أعرق دور الصحافة للطباعة والنشر في الكويت.
»الوطن».. الكلمة والرأي والموقف.. التي عاملوها كما لو كانت محلاً «للبقالة» أو أحد محال «السمك أو اللحم»!! يغلقونها بالشمع الأحمر ويطردون محرريها ويوقفون مكائن طباعة «الكلمة».. مع ان «الله شرّف الكلمة وفي البدء كانت الكلمة».
بالأمس كانت قناة «اليوم» وجريدة عالم اليوم، هي الضحية، وما تلاها من فضيحة «الجناسي»، وسحب جنسية أحمد الجبر.. وكل هذا وفق مسلسل متواصل من التآمر باستخدام قوانين في غير محلها، لتصفية كل صاحب رأي معارض أو مخالف!
فيلم «الحرام» الذي سبق ان حدثتكم عنه يطل برأسه من جديد كحلقة في سلسلة تصرفات غير مسؤولة هزلية سيدفع مرتكبوها ثمنها.. ولو بعد حين، وإن طال الزمن!!
٭٭٭
على من يأتي الدور غداً؟ هذا هو العنوان الكبير الآن؟ على من يأتي الدور في البلطجة، ووفقاً لسيناريو فيلم «الحرام» المعروض بنجاح هذه الأيام.. من الذي سيحل عليه الدور؟.
لا شك ان الناس يطرحون مثل هذه الأسئلة الصعبة ولا يجدون لها اجابة.. ولعل هذا ما لمسه الكاتب الكبير أحمد الصراف الذي كان ضمن قلائل عبروا عن ذلك، عندما تضامنوا مع «الوطن» ضد السيناريو المشبوه، الذي تعاقبت فيه الجرائم المرتكبة بحق البلد، وتمثلت في سلسلة من الاجراءات القمعية غير القانونية ضد الحريات وضد حق المواطنة، والتي كان آخرها – حتى الآن – البحث عن طرق.. بل نصاً على لسان رئيس مجلس السنن غير الحميدة: «دورولي على حل لاسكات الوطن».. أو لاغلاق «الوطن» وسحب ترخيصها! وهو الأمر الذي تم من دون ان تنبس صحيفة بكلمة، اللهم الا جريدة «الأنباء» العزيزة، التي شجبت المهزلة التي حدثت بحق «الوطن»!
٭٭٭
أما أحمد الصراف، فكتب في مقال له بعنوان (مع «الوطن» في هذا الوطن) والذي سطره بحروف من نور ويقول في جملة معبرة، أصابت كبد الحقيقة: «ان لم أقف معها اليوم فلن أجد من سيقف معي غداً ان تم كتم صوتي، قضايا الحرية لا يمكن ان تتجزأ»!!
بالفعل يا استاذي.. قضايا الحرية لا تتجزأ وسنؤكل جميعاً كما أكل الثور الأبيض!
المضحك في المهزلة أمران أولهما جاء من الوزير – لا فض فوه – وزير الدولة الذي أدلى بتصريح من تصريحاته المضحكة والغريبة يقول فيه: «ان القرار صدر بعد دراسة وافية، وأنه بناء عليه اتخذ الاجراء الذي ينبغي اتخاذه وليس هناك دوافع سياسية لمثل هذا القرار»!!
من «صجك» أنت؟ أهكذا ترى حقاً انه لم يكن لدى الحكومة دوافع سياسية وراء قرار اغلاق «الوطن»؟ على من يتم هذا الاستخفاف؟!
٭٭٭
هل تعتقد ان احدى أعرق الدور الصحافية في الكويت والتي تعود في نشأتها الى الخمسينات من القرن الماضي، والتي يعرفها القاصي والداني، اقليمياً وعربياً، تغلق هكذا بجرة قلم، وبقرار لمجرد انكم طبقتم عليها ما شئتم من القوانين؟!
حقاً اذا لم تستح فافعل ما شئت؟ اذا لم تستح فاغلق الوطن!
هل تعتقد ان الناس يصدقون تصريحك هذا؟ ويصدقون ان الدوافع النبيلة لدى حكومتك الرشيدة هي تطبيق القانون على دار الوطن؟
فأين الحكومة من تطبيق القوانين على الكبير قبل الصغير.. هل طبقتم القوانين على الشركات الخاسرة الأخرى؟ هل طبقتم القوانين على الشركات التي منحت مناقصات منذ سنوات ولم «تدق» مسماراً في المشروعات الموكولة اليها، حتى ان كلفتها ارتفعت أضعافاً مضاعفة؟ هل طبقتم القوانين على مافيا السلع الغذائية الفاسدة وعلى المتاجرين بالاقامات وعلى المتلاعبين بالعلاج في الخارج.. وفي الجواخير والمزارع وفي الأراضي، على الأقل طبقوا القوانين في قضية «الداو» مثلاً؟!
٭٭٭
أتسمي ما حدث للوطن تطبيقاً للقانون مع ان أبسط ما يقال من أصغر شاب يفهم في الشأن العام ان ما جرى هو «بلطجة قانونية»!!.
»بلطجة» قانونية مرجعيتها فيلم «الحرام» الذي يعرض علينا منذ سنة تقريباً، لا مجال هنا أكثر للخوض فيه قبل ان يقول القضاء كلمته ولكن تداعياته نراها بأعيننا.. باغتيال «الوطن»!
حتماً لن نسمح لكم باغتيال «الوطن»، والكل الآن يفهم التآمر الذي حدث والهدف منه، والكويت كلها تناقلت الجملة الشهيرة «دورولي على حل لاغلاق الوطن».
ويا خسارة لقد جعل جميع المتورطين في هذه المهزلة من أنفسهم «أضحوكة»!!
الأمر الثاني المضحك يا وزيرنا «الفلتة» هو زميلك الوزير المحسوب على التيار الليبرالي الذي وقع على قرار الاغلاق!! هل سمع أحد يوماً عن وزير ليبرالي يتشدق ليلاً ونهاراً باعلاء حرية الرأي والتعبير.. ويقدم على معاملة دار صحافة كما لو كانت محل «بقالة»!
٭٭٭
لقد انكشفت كل العورات.. وظهر بجلاء من يقودون هذه الحكومة التي تمارس البلطجة بالقانون، ولا تتورع عن الاقدام على ارتكاب كل الموبقات!
اكتوت جريدة «عالم اليوم» بقرار اغلاقها وأيضاً جريدة «الأنباء» في السابق بقرار اغلاقها أسبوعاً، ودفعت «ثمن الكلمة» واكتوت «الوطن» قبل أشهر قلائل بالاغلاق أيضاً، وفي مثل هذا الامتحان تكرم الصحف أو تهان.. وقد أهانت بعض الصحف نفسها عندما لم تدن هذه «البلطجة»، بل سقطت في مستنقعات الوحل، مثل هذه الصحيفة الناطقة بلسان رئيس الحكومة، وأحد أقطاب المعسكر الليبرالي، عندما راحت كالببغاء تردد نفس الأباطيل وتدافع عن قرار وزيرها غير القانوني.. نعم راحت تردد تبريره بسحب ترخيص جريدة الوطن بلا خجل أو حياء وتزعم ان «الشركة لم تصحح وضعها بما يتوافق مع قانون الشركات رقم 25 لسنة 2012، وأن الوزارة جادة في تطبيق القانون بما يحفظ حقوق المساهمين ويحمي الاقتصاد الكويتي من الشركات المخالفة»!
٭٭٭
من المضحك حقاً ان تتحدث هذه «الجريدة» عن جريدة «الوطن».. بكل تاريخها وتأثيرها كإحدى أقدم الصحف بالكويت – هكذا – وكأنها تتحدث عن شركة ل«التجارة» و«الزراعة» أو «بقالة» خالفت، وكان لابد من تسكيرها؟!
ثم ان سؤالاً مهماً يطرح نفسه الآن: هل «الوطن» تستثمر أموال الناس بحيث يتعين على الحكومة التقدم لكي تتم حمايتهم مثلاً؟!
هذا سؤال لن يجيب عنه أحد.. تماماً مثل الأسئلة الكثيرة التي تواجه «الوطن» كله في الوقت الذي توجد فيه الكثير من الشركات التي تم نهبها وتم من خلالها الاستيلاء على أموال المستثمرين!!
لم ير أحد أي اجراء يتم اتخاذه فعلاً لحماية حقوق المستثمرين المساهمين، مع انها شركات تعمل في الاستثمار والتجارة، وليس الصحافة، ولم يتم اتخاذ أي اجراء ضدها كما حدث مع «الوطن»؟!
٭٭٭
وليس هذا وحده هو السؤال الكبير الوحيد وانما هناك سؤال آخر، هل اعتمد الوزير بالفعل على مواد تخوله الغاء الترخيص هكذا أم انه كان يجب عليه اقامة دعوى قضائية ضد الشركة قبل حلها وفقاً لما ينص عليه القانون؟!
وهل انتهاك حقوق العاملين، في «العملية» التي تبدو كعملية حربية على النحو الذي حدث، بهدف تصفية الشركة وطرد العاملين من مبنى «الوطن» وقطع أرزاقهم، هل هذا عمل يتناسب مع صحيح القوانين!!
ثمة مهزلة أخرى جديدة تضاف الى مهزلتي الوزيرين السابقين، فها هو وزير الاعلام يقوم هو الآخر بالغاء ترخيص جريدة الوطن مع المجلات التابعة لها دون انتظار حتى حكم المحكمة؟ أتعتقد يا معالي وزير الاعلام ان قانون المرئي والمسموع يعطيك هذا الحق؟! والله «عيب»!!
٭٭٭
انه بالفعل مسلسل قبيح ومشوه يكمل تداعيات فيلم «الحرام» الذي لا ترى فيه هذه الحكومة أي غضاضة في تصوير الكويت بلداً يقمع الحريات وبلداً ظالماً تسلب فيه حقوق المواطنة من أبناء الشعب؟ يفعلون ذلك بدم بارد وكأنهم خالدون في مناصبهم، غير عابئين بسمعة بلدهم.. المهم هو استمرار حكوماتهم ومجلسهم الصوري على ما هو عليه وعلى المتضرر اللجوء الى القضاء!!
ونحن ما علينا الا ان ننعى حرياتنا التي يفترض انها مكفولة بنصوص دستور عريق، صدر منذ عقود، ويسود بيننا منذ سنوات.. وهذه النصوص وهذا التراث العريق لبلد الحريات مهدد اليوم بالضياع ب«البلطجة باستخدام القانون»!!
وكما قلت.. وقال أحمد الصراف: ترى غداً على من يأتي الدور!!. وغداً للحديث بقية.
٭٭٭
بارقة أمل..
قضت محكمة الاستئناف الادارية بعودة الأخ العزيز سامي النصف رئيساً لمجلس ادارة الخطوط الجوية الكويتية، والغاء تشكيل مجلس ادارة الكويتية مع تعويضه.
في هذه المناسبة أبارك للأخ «بوعبداللطيف» والذي كنا مؤمنين بحقه الذي سلب منه، وقد كتبت عن هذا الموضوع بتفاصيله، لأنني كنت أعلم ان الحق بعيد عن قرارات وزير المواصلات، وأحمد الله ان لدينا سلطة قضائية شامخة تعيد الحق لأصحابه وتعيد الأمل من جديد لنا.
وأخيراً أهمس في أذن الوزير وأقول «جاء الحق وزهق الباطل»!!
.. والعبرة لمن يتعظ!!
منى العياف
alayyaf63@yahoo.com
twitter@munaalayyaf
“الوطن”