المصندقات
الكويت فيها مؤسسات، ﻻ أحد ينكر ذلك، فهي دولة حرة مستقلة وليست بلدة عشوائيات، مع ذلك فالمؤسسات الكويتية ﻻ تعمل بكامل طاقتها فهي تعاني من «شوية» علل وأمراض اذا لم تشف منها، فسنظل على حالنا مكانك راوح، نكرر دائما وبكل فخر واعتزاز بأننا دولة مؤسسات، ولكن ما الفائدة التي سنجنيها دولة وشعبا اذا كانت تلك المؤسسات في مواقع كثيرة اما مصابة بالشلل، وعاجزة عن التصرف، أو عرجاء مصابة بالكساح، ﻻ تملك التغيير، أو مغمى عليها، غائبة عن الوعي ﻻ تستطيع التفكير.ما الفائدة العظيمة التي سنجنيها من تلك الهالة العظيمة التي تحيط بنا كدولة مؤسسات فيما مؤسساتنا تتأرجح شمالا يمينا مع (الموية) أو الموجة، وشغلها تحت أمر صاحب مصلحة ذي نفوذ يملك بشخطة قلم ان يدمر مستقرا، أو يقبح جميلا، أو يغير صحيحا. نعم نحن دولة مؤسسات ولكنها مؤسسات مفعول بها وليست فاعلة، ولنأخذ جانبا بسيطا جدا من نتائج العبث بقرارات احدى تلك المؤسسات وهو ما بات واضحا للعيون، مجالا للسخرية، نسف ودمر ما تركه لنا آباؤنا المؤسسون من بلد مرتب، منظم، جميل وأدخلنا فيما يشبه ما كنا نسمع عنه في بلاد أخرى من فوضى يطلق عليها اسم عشوائيات، وأتحدث هنا عن المنازل المصندقة.بدأت الصندقة منذ فترة بسيطة عن طريق تمرير ورقة بناء مخالف، وثانية وثالثة الى ان أصبح اﻷمر طبيعيا وشبه مقبول، ولم يعد غريبا على الرائي ان يشاهد منزﻻ قديما يهدم ويقام مكانه مبنى صندوقي الشكل بارتفاع ثلاثة أو أربعة أو خمسة طوابق، في كل طابق شقتان بهدف التأجير، وفيما كان الكويتيون في الماضي يهتمون بالبيت الذي سيسكنون فيه فيحرصون على هندسته وبنائه ومساحة غرفه وملحقاته وألوانه، صاروا يلهثون خلف منزل صندوقي الشكل، يسكنون احدى شققه ويؤجرون الباقي.طريقة البناء هذه أخرجت لنا منازل تفتقد جمال الهندسة، وابداع المهندسين، وها هي منطقة الصديق الحديثة التي بدأت تكثر فيها البيوت المصندقة ﻻ تملك ما تملكه معظم مناطق الكويت من أبنية رائعة الطراز، جميلة المعمار، تعجب الناظر اليها، والله ﻻ يسامح أول مسؤول في بلدية الكويت سمح بتجاوز نسب البناء في الخاص، فأحدث ما نحن فيه من بلاو قبيحة.ذلك المسؤول رضي بالواسطة، أو نخ للرشوة فشخط بقلمه قرارا غير فيه معالم مناطق السكن النموذجية، فبدأت المنازل المصندقة تزحف اليها اما بناء من العرض ﻷراضي وبيوت قديمة مشتراة، أو فوق البيت المقام أصل بزيادته دورا أو دورين، والنتيجة ضغط على الخدمات، وغرباء من كل حدب وصوب يسكنون بين الكويتيين، ومشاجرات بينهم وبين الجيران المتضررين من ذلك العرج، واكتظاظ في بعض الشوارع معيقا ﻻنسيابية المرور، وغير ذلك من مشكلات لم نكن نعرفها في الماضي.نحن دولة مؤسسات ولكن بالاسم ﻷن المؤسسات في الدول المحترمة ﻻ تترك العابثين والفاسدين باقين في مناصبهم مدون عقاب، وما نقول الا حسبي الله على كل من أدخل علينا حالة الصندقة.
عزيزة المفرج