صباح الأحمد.. أمير العطاء
راكان بن حثلين
في الذكرى التاسعة لتولي سمو الأمير، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مقاليد الحكم في البلاد، نستذكر بكل الاجلال والتقدير، ستين عاما من التميز والعطاء، ومسيرة حافلة بالانجازات، ومحطات ومنعطفات مصيرية استطاع سمو الأمير أن يقود خلالها البلاد الى بر الأمان، ويحصن الجبهتين الداخلية والخارجية من المخاطر والفتن التي فتكت بالعديد من الدول والشعوب الأخرى.
فلا يمكن ان ينسى الشعب الكويتي تضحيات سمو الأمير لأجل بلده وشعبه، وموقفه التاريخي المشهود عندما لعب دورا رئيسا في حشد الدعم الدولي للشرعية الكويتية ابان الغزو العراقي الغاشم، والجهود الاستثنائية التي بذلها سموه في تلك الأيام السوداء التي عاشتها الكويت، الى أن تكللت الجهود الخيرية بولادة فجر جديد بتحرير الكويت، وعودة قيادتها الشرعية.
ومنذ تولي سمو الأمير مقاليد الحكم في 29 يناير 2009، مرت على الكويت والعالم بشكل عام ظروف استثنائية، وأزمات متتالية شملت الصعد الاقتصادية والأمنية والسياسية، تسببت في انهيار عدد من البلدان واشتعال أو تفكك بلدان أخرى، ولكن الكويت بقيت قوية بفضل الله أولا، ثم بفضل حكمة وحنكة سمو الأمير، الذي استطاع بكل اقتدار ان يضع البلد في الموقع الذي يضمن لها عدم التأثر بشكل كبير بالمتغيرات الاقتصادية أو المتغيرات الدولية والاقليمية.
لقد استطاع سمو الأمير بما يملك من ارث سياسي ودبلوماسي طويل ان يوظف خبراته وعلاقاته التي تراكمت على مدى أكثر من 60 عاما قضاها في خدمة البلد من مواقع متعددة، استطاع أن يصنع للكويت مكانة وموقعا مؤثرا في المحافل الدولية، فضلا عن المكانة المتميزة التي تحظى بها الكويت بين الاشقاء الخليجيين والعرب، وكذلك بين الدول الاقليمية.
ولا شك ان كل منصف يسجل لسمو الأمير الفضل الأكبر في انجاح المصالحة الخليجية، ولم شمل البيت الخليجي بأركانه الستة، بعد ان كادت الخلافات ان تودي بهذا الكيان الذي يشكل ضمانة وصمام أمان ليس للدول الخليجية فقط، بل لكل الدول العربية والاسلامية، كما لا يمكن لأحد ان ينكر الدور الكبير الذي لعبه سمو الامير في المصالحات العربية، ودعم القضية الفلسطينية، ووضعها في مكانها الذي تستحق كقضية رئيسة ومصيرية تأتي على رأس أولويات الأمتين العربية والاسلامية.
وليس غريبا أن تتوج هذه المسيرة الطويلة من العطاء، والأعمال الانسانية التي كانت يد سمو الأمير سباقة لها في كل موقف وموقع يستدعي مد يد المساعدة، بنيل سمو الأمير لقب «قائد انساني» وحصوله على تكريم غير مسبوق من أعلى الهيئات الأممية، ووضع الكويت في صدارة الدول في مجال العمل الانساني.
هذه الشخصية العظيمة التي نحتفل هذه الأيام بالذكرى التاسعة لتوليها حكم البلاد، وبكل ما فيها من كبرياء وشموخ، لم تتخل عن بساط التواضع في تعاملها مع شعبها وأبنائها، صغيرا وكبيرا.
فرغم كل الظروف والأزمات التي مرت بها البلاد، بقيت أبواب سمو الأمير مفتوحة أمام كل المواطنين من جميع الفئات، بسعة صدر استوعبت ما يعجز عن استيعابه كثيرون، واستطاعت أن تحتوي كل الخلافات وتحفظ للبلد استقراره وتماسكه ولحمته الوطنية، واستمرار المسيرة الديموقراطية التي آمن بها سمو الأمير ورعاها، رغم كل التحديات والمساعي لافشال هذه العملية ووأد الديموقراطية، لتبقى الكويت واحة للحريات والأمن والأمان وسط عالم تجردت الكثير من أقطاره من هذه النعم.
نسأل الله تعالى ان يحفظ الكويت، وان يحفظ لنا «أمير العطاء» سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وأن يديم عليه الصحة والعافية، ليبقى ذخرا وفخرا لشعبه وبلده وأمتيه العربية والاسلامية، وأن يحقق الله لسمو الأمير تطلعاته بأن يرى الكويت تعود درة للخليج كما كانت، ومركزاً مالياً وتجارياً عالمياً، وشعلة مضيئة بالخير والمحبة والتآلف.