متى سترجع الوطن؟
صديقتنا أم طلال ليست من جيل الكومبيوتر، وﻻ علاقة لها بالشبكة العنكبوتية، وﻻ تعرف كيفية الدخول على المواقع للبحث عن اﻷخبار والمعلومات، وكان قد تم ادخالها في مجموعة واتس أب واحدة خاصة بصديقات مقربات لها، وحدث مرة ان نزل فيه مقطع فيديو غير طيب لم تعرف كيفية تشغيله، فقام أحد أبنائها بذلك، فتفاجأ بما فيه، وغضب على الرغم من أنه ﻻ ناقة لها وﻻ جمل في ذلك، فطلبت منه ان يحذف لها الواتس أب بالكامل وقد كان، ومن يومها وهي منقطعة بشكل كبير عن مواكبة الأحداث عبر تلك الخدمة، ولكنها كانت تحصل على بغيتها من الجريدة الوحيدة التي تحبها، وتعشق تقليب صفحاتها كل صباح، جريدة الوطن.أم طلال غاضبة جداً من تعطيل الجريدة الوحيدة التي ترتاح اليها، وتعترف لي بأنها اشتركت في جريدة ثانية ولكنها ليست مثل الوطن، وﻻ يمكن ان تقارن بها، وتسألني متى تعود الوطن للصدور؟ أنا ﻻ أمتلك اجابة لذلك السؤال خاصة ونحن نرى من يسارع الى تعطيل أي قرار يخرج ﻹعادة صدورها الى حين الفصل في القضية، ما يظهر تصميماً كبيراً من الحكومة على قتلها وكتم أنفاسها والقضاء عليها تماما.عن نفسي أنا مثل أم طلال، أتلذذ بتقليب جريدة الوطن، والى جواري كوب النسكافيه الساخن آخذ منه رشفة وأقرأ، ورغم معرفتي بالكمبيوتر اﻻ ان معرفة الاخبار، وقراءة المقاﻻت، ومتابعة اﻹعلانات عبر الصحافة الورقية أمر مختلف، وله طعم ﻻ يمكن ان توفره شاشة الكومبيوتر أو اللاب توب أو الموبايل أو whatever. انقطاع جريدة الوطن عن الظهور أحدث فراغاً كبيراً في الساحة الصحافية اتفقت مع ذلك أو اختلفت معه، فهي الصحيفة اﻷولى في الكويت، وبعض الصحف – مع كامل اﻻحترام لها – قد تجد في ذلك فرصة ﻻكتساب المزيد من القراء، مع صعوبة ذلك مع محبي الوطن، ومن تربوا على قراءتها منذ أمد بعيد.الوطن تتميز بأنها أتاحت المجال للآراء من جميع الشرائح، وشتى التوجهات، ومختلف اﻷفكار، فلم تغلق نفسها على فكر أو توجه أو عقيدة بعينها، أو تجعل الغلبة لها على غيرها في الكثرة والمساحة، ﻹيمانها بأهمية وفائدة التنوع الفكري.كل قارئ في المجتمع كان يجد بغيته فيها، وكل معاد لها يجد سلاحا يهاجمها فيه. الوطن جريدة تجعلك تحبها في موقف فتركض لتجديد الاشتراك فيها، الوطن هي الجريدة التي وقفت الموقف اﻷكثر تشريفاً حين كادت الكويت تضيع، وسخرت جهودها وكل ما تملك من قوة تأثير من أجل الوقوف في وجه حفنة كانت تسعى بكل طاقتها لركوب باص الدمار العربي، اﻷمر الذي كان سيلحق اﻷذى بالبلد وأهلها، ولكن ذلك كله لم يشفع لها، وﻻ نعرف جريدة مثلها كانت شوكة في خاصرة وبلعوم من كانوا ينوون تخريب البلد يوم احتاج الوطن لذلك، خلاصة الكلام، حجب الوطن خسارة كبيرة للوطن، فهل هناك من يعي ذلك؟!
عزيزة المفرج