العرب رجل المنطقة المريض!
سامي النصف
مع بداية القرن العشرين كانت الدولة العثمانية تسمى رجل أوروبا المريض، وكانت الدول الأوروبية تتربص بها وتتآمر عليها لاقتسام أراضيها وأراضي الدول التابعة لها عبر بث الفتن بين مكونات الدولة من أتراك وعرب وأوروبيين، وإشعال الحروب الأهلية واستخدام الإرهاب والاغتيالات ـ كاغتيال ولي عهد النمسا ـ وقد مُنح العراق فور نجاح المخطط للإنجليز وسورية للفرنسيين وضم لواء الإسكندرونة لتركيا، كما شمل وعد بلفور إعطاء وطن قومي لليهود في فلسطين، ولولا القائد العسكري كمال أتاتورك وانتصاراته الباهرة وإحياؤه لأمة الترك لما بقي من الدولة التركية إلا القليل.
***
مع بدايات القرن الواحد والعشرين أصبحت الدول العربية في مجملها بمثابة «رجل منطقة الشرق الأوسط المريض»، وبدأت الدول المؤثرة في العالم وبالمنطقة في سن السكاكين والتآمر وتوزيع الأدوار فيما بينها لاقتسام أراضي دولنا العربية وثرواتها عبر خلق الفتن والحروب والاضطرابات داخل الأوطان العربية وإنشاء منظمات إرهابية كـ «القاعدة» و«الزرقاوي» و«داعش» لتعجل بعمليات الفتن والفوضى والقلاقل والانقسام.
لذا، يأمل البعض ان يلعب الرئيس عبدالفتاح السيسي هذه الأيام ما لعبه الذئب الرمادي كمال أتاتورك بالأمس، فيحرك جيشه القوي ليهزم الأعداء في مصر وما حولها، ويخلق حالة استقرار سياسي وأمني واقتصادي بالمنطقة، ثم ينهض حضاريا بالأمة العربية كما نهض أتاتورك بأمة الترك، حيث أخرجها من كونها أول قاطرة شرقية ضمن قطار متجه للهاوية السحيقة وجعلها آخر قاطرة غربية ضمن قطار متجه للمستقبل المشرق الآمن، وبالقطع الخيار الثاني أفضل كثيرا من الأول.
***
آخر محطة: أحوال دولنا العربية لا تسر وتسير في الاتجاه المعاكس، وقد قال المفكر جان جاك روسو ذات مرة: أعطني قلة من الشرفاء وسأحطم لك جيشا عرمرما من اللصوص والمفسدين والعملاء، بينما يظهر واقعنا المعيش بالمنطقة أن قلة من اللصوص كفيلة بتحطيم أكبر جيش عرمرم من الشرفاء والأكفاء والأمناء.
samialnesf1@hotmail.com
salnesf@