نائل نعمان
تصريح وزير النفط العماني السيد محمد بن حامد الرمحي في الكويت الشهر المنصرم مهم جدا ويقارب في التفكير الجزء الاول من مقال اوبك والمغالطة الكبرى حين قال ” لا افهم كيف تكون الحصة السوقية أهم من الايرادات ” وأضاف ” ان أوبك كانت تجني ايرادات يوميه ما بين 2.7 و 2.8 مليار دولار وبعد اعلان الحرب النفطيه اصبحت تجني 1.5 مليار دولار ، هذه ليست تجارة هذه ادارة لا نفهمها ، وأن المنتجين اصحاب التكلفه العاليه ربما يزاحون مؤقتا ولكن سرعان ما سيعودون وتكون سياسة اوبك عديمة الجدوى ، وتساءل لقد خلقنا تقلبات فكيف ستخطط لتجارتك في ظل سلعة متقلبة الاسعار؟ الوضع سيء لنا في عمان وهذه سياسة سيئه”
لا أملك الا ان أرفع القبعه للوزير العماني الشجاع الذي قال ما يحس به الاخرين ولكن لا يعبرون عن خوفهم مما يخفيه المستقبل. واستكمالا للمقالة الاولى أضيف الاحداث التي لحقت المقال.
استمرت الاسعار في الهبوط وفي نهاية شهر يناير ولأربعة جلسات متعاقبه لم يستطيع النفط الكويتي تجاوز سعر 41 دولار وكل يوم من هذه الايام تخسر الكويت 25 مليون دينار كويتي ما يعادل 85 مليون و 500 ألف دولار اي خسارة 100 مليون دينار في الايام الاربعه او ما يعادل 342 مليون دولار ، في 4 أيام !! هذه الخسارة بالمقارنة مع سعر البرميل في الميزانيه والبالغ 75 دولار بتسعيرة 286 فلسا للدولار. فكم خسرنا في الفترة ما بين اكتوبر ويناير ؟ العجز في ميزانية 2014-2015 سيكون تقريبا 1.3 مليار دينار ما يعادل 4 مليارات ونصف دولارحسب رئيس لجنة الميزانيات في مجلس الامه، وأما الميزانيه القادمه فيتوقع وزير الماليه انها ستكون بحدود 7.2 مليار دينار أي ما يعادل 24 مليار دولار ونصف.
فماذا فعلت أوبك غير تحطيم ميزانيات دول أعضاءها خاصة بعد ان أعلنت السعوديه عجزا قيمته 39 مليار دولار للعام 2015 وخولت وزير ماليتها بالاقتراض من البنوك أو استخدام احتياطي العام للمملكه؟
تقرير الوكاله الامريكيه لمعلومات الطاقه للاسبوع المنتهي في 23-1-2015 يلخص بالارقام ما تحدثنا عنه في نهاية الجزء الاول من المقال من ان امريكا تتوقع لنفسها زيادة في الانتاج وقدره من 800 ألف الى مليون برميل وأن تصديرها للنفط الخفيف جدا سيزداد تدريجيا
لننظر الى الارقام التي وضعتها داخل المربعات البرتقاليه ان انتاج النفط الامريكي بلغ 9.213 مليون برميل يوميا بعد ان كان 8.044 مليون برميل قبل عام وان التصدير ارتفع ليبلغ 502 ألف برميل يوميا. فأين نجاح سياسة أوبك في كبح جماح النفط الامريكي؟ علما ان امريكا ما زالت لا تسمح بتصدير النفط الا الخفيف جدا منه كما انها لاتحتسب تصدير النفط الكندي وهو عبارة عن نفط رملي عبر شبكة من انابيب النفط الممتده من كندا الى تكساس والتي مؤخرا صادق الكونجرس على زيادتها من خلال مشروع انابيب كيستون اكس ال والذي سينقل لوحده 800 الف برميل يومي غير معالج من كندا الى امريكا حيث تقوم المصافي الامريكية بمعالجته وفصل التربه والشوائب منه.
في بداية شهر فبرايرولمدة 3 أيام ارتفعت أسعار النفط فجأة بمقدار ما يقارب 4 دولارات ليستقر النفط الكويتي عند حاجز 49.91$ وتفاءل البعض ان هذه هي الزيادة المنشودة التي تكلمت عنها أوبك ولكن سرعان ما فقدت الاسعار تلك الدولارات الاربعه،فلماذا يا ترى؟ كما ذكرنا أيضا في الجزء الاول أن من يغير الاسعار ويتحكم بها هي أمريكا الان وهذا ما حصل فالاضرابات التي حصلت في مصافي النفط الامريكيه وتوقعات الزياده في الحاجه لعقود النفط الآجل لشهر مارس هي ما رفعت الاسعار وبغض النظر عن الاسباب الا ان المهم في الموضوع انها أسباب امريكية خالصة جلست أوبك تترقبها بعد أن كانت هي المبادرة والعالم بأجمعه ينتظر قراراتها.
هذه الزيادة في الاسعار في بداية شهر فبراير كانت قد حيرت بعض الخبراء الامريكان في مجال النفط ففي الوقت الذي فيه فائضا يوميا من النفط العالمي انخفضت تصاريح حقوق تنقيب الابار النفطية الامريكيه من اكثر من 100 تصريح في نوفمبر الى ما يقارب 84 تصريحا جديدا في شهر يناير لنرى الاسعار تصعد ثم تنزل بناء على أي من التصاريح يظهر أولا على الاعلام الامريكي ناهيك عن مضاربات أسواق النفط العالميه. وهذا بالضبط ما قاله وزير النفط العماني تذبذب الاسعار لا بعطيك الفرصة لتخطط كما انه ليس من شأنك سوى مراقبة الاسعار وليس التدخل فيها أضف الى ذلك ان أكثر المتفائلين في السوق الامريكي لا يرون زيادة في مزيج برنت نهاية العام بسعر يفوق 60 دولارا علما ان نفط برنت هو الاغلى في الاسواق وهو المؤشر الذي يبنى عليه السعر لمن يتداول في السوق.
فمائا جنت أوبك نتيجة سياستها الفاشله كما أشار وزير النفط العماني؟ الواضح ان أوبك تكابر وهدفها لا يعدو الا أن يكون سياسيا لزيادة الضغط على روسيا وايران بينما دولها تعاني من عجز في الميزانيات ورفع للدعوم التي طالما تمتع بها مواطنوها.