خبير اقتصادي:ارتفاع الدولار الأمريكي يترك أثرا إيجابيا على الإقتصاد الكويتي
رأى خبير اقتصادي أن قوة الدولار الامريكي وارتفاع سعر صرفه امام العملات الرئيسية العالمية حاليا يترك أثرا ايجابيا على الاقتصاد الكويتي الذي يعتمد على تصدير وبيع سلعة النفط بالدولار كمصدر رئيسي للدخل.
وقال أستاذ الاقتصاد ومشرف وحدة منظمة التجارة العالمية في جامعة الكويت الدكتور أحمد نجار في لقاء مع وكالة الانباء الكويتية (كونا) اليوم إن اثبات ايجابية الاثر الناتج عن قوة الدولار على الاقتصاد الكويتي يستوجب معرفة تركيب هيكل الميزان التجاري وتوزيع الواردات فيه فضلا عن تحديد شركاء الكويت التجاريين.
وأضاف نجار “طالما أن صادرات الكويت النفطية يتم تسعيرها بالدولار الامريكي فإن ايراداتها المالية ستدخل بدولار قوي كما هو حاصل حاليا” لافتا الى أن الكويت دولة مستوردة بنسب عالية “وعليه فإن من مصلحتها الاستيراد بعملات شركائها التجاريين المنخفضة نسبيا أمام الدولار”.
وأوضح أنه “اذا عرفنا ان استيراد الكويت من اليابان باعتبارها أحد شركائها التجاريين هو بنسبة محددة ما وكانت العملة اليابانية (الين) منخفضة مقابل الدولار كما هو حاليا فإن ذلك سيصب في مصلحة البلد المستورد (الكويت)” والحال كذلك ينطبق على الواردات من أقطار اخرى ومنها اوروبا التي تشهد عملتها الموحدة (اليورو) انخفاضا مقابل الدولار.
وذكر أن ذلك مشروط بألا تعاني اقتصادات الشركاء التجاريين للكويت ارتفاعا في الاسعار لديها أي وجود معدلات تضخم عالية محليا “فمن شأن ذلك أن يمتص قوة الدولار عند استيراد السلع والخدمات من هؤلاء الشركاء”.
وأشار الى أن تحديد ذلك بصورة أدق يتوقف على التركيب الهيكلي للواردات في الميزان التجاري وعلى الشركاء التجاريين وما هي معدلات التضخم لدى كل شريك “وعند ذلك يمكن معرفة مدى استفادة الاستيراد والتصدير بعملة قوية ومرتفعة مثل الدولار”.
وبين نجار أن قوة الدولار الامريكي “سلاح ذو حدين” بالنسبة الى الولايات المتحدة فهي من ناحية ستقلل تكلفة الواردات اليها الا انها سترفع من تكلفة البضائع الامريكية المصدرة الى جميع دول العالم “لذا من المهم أيضا معرفة التركيب الهيكلي للميزان التجاري الامريكي لتحديد مدى الفائدة من وضع الدولار الحالي”.
وعزا ارتفاع الدولار الامريكي أمام العملات الرئيسية بصورة عامة الى “التعافي النسبي” الذي يشهده اقتصاد الولايات المتحدة الاكبر في العالم من تبعات الازمة المالية منذ عام 2008 الى جانب اتباع صناع السياسة النقدية في الولايات المتحدة الى سياسات تقشفية بعد موجة من السياسات التوسعية في سنوات خمس مضت.
من جانب آخر وفيما يخص تأثير انخفاض أسعار النفط على ايرادات الكويت قال نجار “لابد من معرفة اذا كانت العقود التي ابرمتها الكويت آجلة ام آنية في الفترة التي كانت عندها اسعار النفط ضمن معدلات مرتفعة أي بين 90 و 110 دولارات للبرميل الواحد”.
وأضاف أنه لا ينبغي “الهلع” من الانخفاض الحاصل في اسعار النفط مع وجود سياسة اقتصادية كويتية “حكيمة” تقضي بطبيعة الحال بابرام عقود طويلة الاجل لتأمين كميات من النفط بسعر متفق عليه مع شركائها التجاريين.
وذكر بحسب قراءته ومتابعته أن احدا لم يتوقع انخفاض أسعار النفط الى هذا المستوى المتدني قرابة 40 دولارا أمريكيا للبرميل وبتلك السرعة أي في غضون ستة أشهر تقريبا مبينا ان تحديد مدى تأثر ميزانية الكويت بانخفاض اسعار النفط مرهون بنوعية العقود التي ابرمتها الكويت والسعر المتفق عليه مع زبائنها “عند ذلك يمكن معرفة حجم تأثير انخفاض اسعار النفط على الميزانية”.
وفي هذا الصدد اشار الى ان الحكومة الكويتية اظهرت “اكبر حكمة اقتصادية” برفعها نسبة الاستقطاع من اجمالي الايرادات لمصلحة صندوق الاجيال القادمة من 10 الى 25 في المئة في السنتين الماليتين الماضيتين عندما كانت أسعار النفط مرتفعة.
وتوقع نجار الا يستمر بقاء سعر النفط عند المستويات الحالية “بل من المحتمل ان ترتفع الاسعار في الفترة المقبلة نظرا لارتفاع تكلفة انتاج النفط في بعض مناطق العالم ومنها بحر الشمال والولايات المتحدة”.
وعن رأيه بأفضل اساليب تمويل الميزانية إن ظهر العجز فيها مع بقاء اسعار النفط ضمن المعدلات الحالية رأى نجار ان ترشيد الانفاق في الميزانية أحد الحلول المطروحة بعيدا عن خفض الانفاق الاستثماري.
وأضاف أن الميزانية العامة للدولة تضم ابوابا مرونتها ضعيفة جدا وقت التخفيض مثل باب الرواتب لكن مع ذلك يمكن الحد من الهدر الحاصل في هذا الباب بالترشيد وصرف المزايا المالية مقابل العمل الفعلي.
وأضاف أن التخفيضات لأبواب الميزانية في مجملها “لن تسد العجز المتوقع في الميزانية” لذلك ينبغي ايجاد حلول اخرى تفي بالغرض مشيرا الى أن مسألة اللجوء الى الاقتراض من السوق التجاري او اصدار سندات خزانة عامة لتمويل الميزانية او السحب من صندوق الاحتياطي للدولة بدائل مطروحة وتحتاج بالمفهوم الاكاديمي الى (تحليل التكاليف والمنافع) وقد يكون اللجوء الى تركيبة متنوعة من هذه الآليات احد الحلول المطروحة ايضا.
وفيما يخص وضع نظام ضريبي يساهم في زيادة الايرادات للدولة قال نجار إن الضريبة ستدعم الترشيد لكن لن تكون رافدا من روافد الدخل لمحدودية نسبة من ينبغي فرض الضريبة عليه ضمن باب الرواتب مقارنة مع الناتج المحلي الاجمالي للدولة ومحدودية حجم القطاع الخاص في الدولة ايضا.
ومن هذا الباب دعا الى اهمية الاستمرار في المشاريع الاستثمارية والتنموية وألا يتم تجميدها لئلا تنتفي الفائدة من تنفيذ هذه المشاريع التي أقرت لمعالجة مشاكل واختلالات في الاقتصاد علاوة على انه لا يمكن حرمان الاقتصاد من العائد المتوقع بعد استكمال المشاريع.
واكد اهمية تنويع مصادر الدخل ضمن القاعدة الاقتصادية للكويت وليس بالضرورة أن يكون تنويع المصادر بالاستثمار المالي المحفوف بالمخاطر مثلما حدث إبان الازمة المالية العالمية بل من المهم الالتفات الى الاستثمار بإنتاج حقيقي.
وقال نجار إن مشاركة الاقتصادات الناشئة كالصين على سبيل المثال بتمويل رأسمالي يعود بإنتاج حقيقي “مهم خلال الفترة المقبلة ويعد من ضمن مصاديق تنويع مصادر الدخل” كما يمكن الاستفادة من الانتاج الحقيقي بإحلال قسم منه بدل المستوردات مشددا على أهمية تنويع مصادر الدخل الحقيقية وليست المالية فحسب.
وكان سعر صرف الدولار الامريكي مقابل الدينار الكويتي قد بلغ 295ر0 دينار وهو اعلى مستوى له في اكثر من 11 عاما وبالتحديد منذ نهاية سبتمبر 2003 بحسب بيانات بنك الكويت المركزي.
الى ذلك ارتفع سعر برميل النفط الكويتي في تداولات أمس 13ر3 دولار ليستقر عند مستوى 41ر51 دولار مقارنة ب 28ر48 دولار للبرميل في تداولات يوم الخميس الماضي وفقا للسعر المعلن من مؤسسة البترول الكويتية اليوم.