مقالات

معذرة يا شيخنا الفاضل، الشيخ محمد قانصو

تطالعنا منذ أسبوع حملة مسعورة على صفحات المواقع و الجرائد و صفحات التواصل الاجتماعي ، ضد سماحة الشيخ محمد قانصو و هو رجل دين لبناني فاضل ، زار نواكشوط في الآونة الأخيرة .
لقد أتى هذا الشيخ الشاب و في ذهنه أنه يزور بلد عربيا إفريقيا مسلما تربطه بالقطر اللبناني روابط العروبة و الإسلام ، إلا أنه و للأسف و فور وصوله إلى نواكشوط بدأت عليه حملة شعواء من من ينصبون أنفسهم أوصياء على الإسلام و يصورون للعامة أن فقهاءهم حراس لرحمة الله، يدخلون فيها من يشاءون و يمنعون منها من يشاءون في ما يذكرنا بالكنيسة الأوروبية و “بيع صكوك الغفران” في القرون الوسطى، جاهلين أن الله عز و جل أكبر من أن يحتوى في غرف صدورهم المريضة الضيقة (جل و علا عن ذلك علوا كبيرا) و أن تحرس رحمته في زنازين ساديتهم التي فاقت كل تصور.
هل نسينا طوابير الوهابيين الوافدين من باكستان و أفغانستان لينشروا فينا أفكارهم المسمومة، المتخلفة و يسفهوا معتقداتنا و يكفروا مجتمعاتنا ، جاعلين من الدين ماركة شكل مقزز ، مقرف لا تعاليم عقيدة و إيمان ، حاذفين من القرآن الكريم كل آيات الرحمة و أبواب مغفرته المفتوحة من عزيز حكيم ، متجاوزين سيرة رسول الرحمة محمد بن عبد الله الذي أرسله الله رحمة و محبة و تسامحا إذ قال فيه ، مزكيا “لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك” .. “و إنك لعلى خلق عظيم” .. “و ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين” .. “ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي أحسن” .. “ادفع بالتي هي أحسن السيئة” و قال لرسوله المعظم ” لست عليهم بمسيطر إلا من تولى و كفر فيعذبه الله العذاب الأكبر إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم” ..
قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم” .. و قال الرسول المعظم صلوات الله عليه و آله و سلم، “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” فهل من مكارم الأخلاق إذاية الضيف و التحامل عليه و سبه و قذفه ؟ .. هل من ملة الإسلام التفرقة بين المسلمين الذين قال فيهم رسولنا صلوات الله و سلامه عليه إنهم “كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى” ؟ هل من ملتنا العمل الدائم على تفتيت وحدتنا و تمزيق لحمة أمتنا و الاصطفاف مع أعدائها و قد قال ربنا جل من قائل، “و اعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا”؟
هل كان الشيخ محمد قانصو هو من شكل جيش الجبهة الإسلامية الإخوانية في الجزائر الشقيقة الذي قتل من الأبرياء المسلمين أكثر من ثلاثمائة ألف لا يفرق فيها بين مدني و عسكري ، بين شيخ و امرأة و صبي ؟
هل كان الشيخ محمد قانصو هو من قتل جنودنا في لمقيطي و تورين و القلاوية و مثل بهم و قطع رؤوسهم و فخخ أجسادهم في شهر رمضان ، شهر الرحمة و هم صيام ، يرابطون لحماية أمننا العام؟ هل كان الشيخ محمد قانصو هو من أفتى بمعارك تفرغ زينة في وسط العاصمة نواكشوط التي راح أبناؤنا ضحية لها؟
هل كان الشيخ محمد قانصو هو من أفتى بقتل ضيوفنا في آلاك و خطف ضيوفنا على الطريق الرابط بين نواكشوط و نواذيبو؟ هل كان الشيخ محمد قانصو هو من أفتى بجواز تدمير حلف الناتو لليبيا و العبث بمكونات هذا البلد العربي المسلم؟ هل كان الشيخ محمد قانصو هو من أفتى بتدمير أضرحة صحابة رسول الله في العراق و سوريا و تدمير أضرحة الأولياء الصالحين و حرق التراث العربي الإسلامي في مدينة تمبكتو بالشمال المالي؟
هل كان الشيخ محمد قانصو هو من أسس ما يسمى بـ”القاعدة” في بلاد المغرب الإسلامي التي ما زالت تعبث بأمن و استقرار بلدان المنطقة ؟
هل كان الشيخ محمد قانصو هو من أفتى بقتل المفكرين التونسيين شكري بلعيد و محمد البراهمي و غيرهما من من قتل غيلة و لا يزال يقتل في تونس إلى اليوم؟
هل كان الشيخ محمد قانصو هو من أفتى بجهاد النكاح المقرف و المازوخية الجديدة المشبعة بمرض الشبق الجنسي الموغل في السادية و الفجور؟
هل كان الشيخ محمد قانصو هو من أفتى بأن رسول الله ، حاشاه ، لو كان حيا لانضم إلى عضوية حلف شمال الأطلسي، اقتداء برجب أردوغان و تزكية لأمراء البترودولار الراكعين في معبد الذل و الهوان الصهيوـ أمريكي؟
هل كان الشيخ محمد قانصو هو من أفتى بجواز تدمير سوريا و قتل جيشها و العبث بأمنها و استقرارها و الاستعانة في ذلك بإسرائيل و حلفائها و التسلح من مخازن سلاحها و التداوي في مستشفياتها؟
هل كان الشيخ محمد قانصو هو من أسس “جبهة النصرة” نصرة الكيان الصهيوني و هي جيش لحد الجديد في جنوب سوريا ؟
هل كان الشيخ محمد قانصو هو من أفتى بتأسيس الدواعش و أفتى لهم بسبي النساء المسلمات و بيعهن في سوق النخاسة و قتل الأسرى ذبحا و حرقهم أحياء ؟
هل كان الشيخ محمد قانصو هو من أفتى بتوجيه مقدرات الأمة النفطية و غيرها خدمة لمشاريع أمريكا و حلفائها الصهيانة و أذيالها الغربيين ؟
هل كان الشيخ محمد قانصو هو من أسس حركة بوكو حرام الإرهابية في نيجيريا ، هذا البلد الإفريقي المسلم المسالم لتسبى نساؤه و تقضى على سلمه الأهلي و تهدد جيرانه بالاجتياح ؟
هل كان الشيخ محمد قانصو هو من أفتى بسحل أئمة مسلمين حتى الموت في شوارع القاهرة، لا ذنب لهم سوى حبهم و تعظيمهم لرسول الله و أهل بيته الكرام ؟
هل كان الشيخ محمد قانصو هو من استقبل السفيرين الأمريكي و الفرنسي معظمين مبجلين في مقر حزب تواصل الإخواني .
هل الشيخ محمد قانصو هو صاحب الدعوات المتكررة في السنوات الماضية للإفطار على مائدة السفير الأمريكي في ظهر المحرم و في داخل سفارة هذا البلد الذي يقود حربا لا هوادة فيها ضد العرب و المسلمين يعتمد فيها مبدأ بوش الشهير “من ليس معنا فهو ضدنا”؟
هل كان الشيخ محمد قانصو هو من برر تدخل السفير الأمريكي في شؤون بلدنا الداخلية، حين التقى منظمة “إيرا” مع بعض قادة الأحزاب في مقر السفارة الأمريكية في نواكشوط؟
هل كان الشيخ محمد قانصو هو من امتدح على صفحات جرائده و مواقعه الألكترونية تجوال السفير الأمريكي في أحيائنا الشعبية و أكله في محلات بيع المشوي بالزي الموريتاني و حضوره الدائم للمناسبات الاجتماعية و الرقص فيها؟
هل كان الشيخ محمد قانصو هو من ركب قاطرة الربيع الدموي التي يجرها قتلا و تفجيرا و ذبحا و تفكيكا لأوصال الأمة، الصهيوني بيرنار هانري ليفي و الحلف الأمريكي الغربي الأطلسي؟ هل كان الشيخ محمد قانصو هو من أغرق سوقنا الموريتانية بالأدوية المزورة و المواد الغذائية منتهية الصلاحية و سيل من النقود مشبوهة المصدر الباحثة عن سوق للتبييض؟
معذرة سيدي الفضل الشيخ محمد قانصو ، لو كنت متورطا في أي من هذه الجرائم لاستقبلتك هذه الفئة الباغية بالتهليل و التكبير و لجعلوا منك أسطورة للتبريك و التفاؤل بالحظ السعيد و وضعوا لك صورا مكبرة في صدور صالات بيوتهم، لكنك بالقطع أطهر من ذلك و لا تربطك بأصحاب هذه الملة الشيطانية الإخوانية الوهابية التكفيرية التي تسللت مدفوعة في السنوات الأخيرة بالبترودولار و تجارة جميع أنواع المحرمات إلى جسم مجتمعاتنا لتنشر فينا شتى أنواع الفجور و الإرهاب الفكري و النفسي و عدم التسامح و لتسفه أحلامنا و تقضي على سلمنا الأهلي خدمة لأسيادها الصهاينة و الأمريكان.
نعم، التقيتكم و تصورت معكم و دار بيننا حديث حول ضرورة نصرة محور المقاومة و الدفاع عن القضايا العادلة للأمة في لقاء أعتبره من أهم لحظات عمري ، مع شاب عربي مسلم مقاوم يقاسمني ما وهبت له نفسي من مبادئ و قيم ..
نعم، التقيت سماحتكم و أعتز بذلك و اعتز أكثر بأنه لم يكن لقاء ببيرنارد ليفي و لا السفير الأمريكي و لا الفرنسي و لا من يمثلهم و لا من يمثلونه.. نعم، التفيت فضيلتكم في حديث يئن بعبق التاريخ و ألم اللحظة و أمل خروج الأمة مما وضعتها فيه الصهيونية العالمية و عملاؤها من خونة العرب و المسلمين.. نعم ، التقيت سيادتكم و تمنيت لو يطول اللقاء ..
محفوظ ولد اعزيز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.