الانسياق إلى الهاوية “2″
صالح الغنام
إنتاج وتسويق النفط خارج منظمة “أوبك”, لم يتوقف قط, وعمليات التنقيب وما يتم في إثرها من اكتشافات نفطية جديدة, يتم بتسارع رهيب, حتى أضحت جميع دول العالم تقريبا دولا منتجة للنفط, فضلا عن أن الدول المصدرة للنفط تتنافس في ما بينها على إنشاء وتطوير المصافي النفطية لزيادة طاقتها الإنتاجية, فلماذا لم تتهاو أسعار النفط مادام المعروض أكثر من المطلوب؟ ولماذا حدث ذلك فقط, مع إنتاج النفط الصخري؟ هنا تبرز ألف علامة استفهام وتعجب, ولا يمكن لأي كان تجاهل هذه الأسئلة المستحقة. فما بالك, وأن أحداث الشرق الأوسط الملتهبة, ستبقي أسعار النفط على ما كانت عليه, هذا إن لم تزدها ارتفاعاً.
الآن, لنأت إلى انعكاس آثار انخفاض أسعار النفط على دول “الخليج” ولنربط بينها وبين ما جرى اتخاذه من إجراءات داخلية, ظنها البعض وأنا منهم أنها تتم بعفوية وحسن نية, ولكننا لو تمعنا فيها مليا, سنجد أنها تقودنا إلى النهاية الحتمية ذاتها التي يراد لنا أن نصل إليها… المهم, وبعيدا عن التنظير, لنأخذ الكويت مثالا. فلو فكرت جهة خبيثة الإضرار ببلادنا, وإحداث قلاقل بها, وقررت تجاوز الوصفة التقليدية التي تعتمد إثارة النعرات الطائفية والقبلية والعرقية, فإن تركيز الجهة الخبيثة سينصب على تحريك واحدة من الشرائح الثلاث: “البدون, المواطنين, الوافدين”.
وحاليا, لن أتوسع في مسألة “البدون”, لأنه لم تصدر قرارات أمنية أو إجرائية تضيق عليهم بالتزامن مع هبوط أسعار النفط, فضلا, عن أن ملف معالجة قضيتهم في عهدة رجل حكيم وأمين هو العم صالح الفضالة, وهذا ما يبعث على الاطمئنان.
بالنسبة الى المواطنين, فإن الذي يحركهم بحق وحقيق وفعلا لا قولا, ليس الأحداث السياسية ولا الأحزاب والكتل النيابية, فقد جرى التنكيل بالقوى السياسية التي تقدم نفسها بصفة قوى شعبية معارضة, ومع ذلك, لم يحرك مريدوها ولا قواعدها ساكنا. وعلى المستوى المؤسسي, لم يحدث تاريخيا أن حظي مجلس الأمة والحكومة, بمثل هذا المستوى القياسي من السخط والرفض والنفور, ومع ذلك, فالشعب ولا بالبال.
ومن ناحية الشأن العام, فقد عاشت البلاد في ظلام دامس لمدة ساعات جراء انقطاع التيار الكهربائي, فوجدنا الناس يتناولون هذا الحدث الجلل بالسخرية والتهكم والضحك و”الطنازة”!
إذاً, فالواقع والتجربة يؤكدان, إن هذا الشعب المترف والغارق في الدلال, لا يحركه سوى جيبه, وأظنكم, تذكرون, إضرابات الموظفين, واعتصام النقابات وتحدي بعضها الدولة بقطع شريان الحياة عنها, ليس بسبب ميزة فقدوها, أو جراء أعباء وظيفية جديدة أضيفت إلى أعمالهم, وإنما طمعا بكوادر وزيادات وعلاوات, معظمهم لا يستحقها أصلا, بل ويرفضون حتى ربطها بالإنجاز وتقييم الأداء!
غدا نكمل, بإذن الله تعالى.
salehpen@hotmail.com
صالح الغنام