الانسياق إلى الهاوية “3″
إذاً, وبعد ما استعرضناه بعجالة في مقالة أمس, أظن أننا متفقون على أن ما قد يحرك المواطنين – في “الخليج” عموما والكويت خصوصا – هو التعرض لدخولهم الشهري وانتقاص مزاياهم المالية, وما يشمل ذلك ويتبعه من رفع دعم عن السلع والخدمات, وفرض ضرائب ورسوم. وفي تصوري, ان الغرب يكاد يجزم أن التأثير المباشر في المستوى المعيشي لشعوب هذه المنطقة, هو الشيفرة التي تحركها وتفك سلبيتها. لذلك, أنا موقن تماما, أن مؤامرة تخفيض أسعار النفط, موجهة بالدرجة الأولى لإيذاء الأنظمة في دول “الخليج”. وما يعزز يقيني هذا, جملة أحداث تزامنت مع تخفيض النفط, منها ما يحدث في اليمن من تطورات خطيرة, معلوم القصد منها, وموجهة ضد من, ومفهوم محاولة توريط دول الخليج في حرب “وعرة”, ستستنزف آخر قرش في خزائنها!
علاوة على ذلك, سيلاحظ المتابع, مدى استماتة الإعلام الغربي لخلق “بوعزيزي” خليجي يكون ملهما لشعوب المنطقة, ويبدو هذا واضحا من خلال تسليط الضوء على سجناء بعينهم في دول “الخليج”, وتحريض شعوب الغرب للخروج في مظاهرات للمطالبة بوقف محاكماتهم والإفراج عنهم… وعلى المستوى المحلي, اتخذت السلطة جملة من الإجراءات, نراها تنساق وتتسق مع الاتجاه المراد لنا الوصول إليه. طبعا لم يتم ذلك بتواطؤ أو تعمد أو سوء نية – حاشا أن يكون ذلك – ولكنه “الخداي” و”قصر النظر”. فنحن نعلم يقينا, أن انخفاض أسعار النفط, لا يؤثر في الكويت بشكل يذكر. لأنها تكسب كبائع في حال ارتفاع السعر, وتكسب كمستثمر في حال انخفاضه, بفضل امتلاكها حصصا كبيرة في محطات بيع الوقود في الخارج, واستثمارها في صناعات تحقق أرباحا طائلة جراء انخفاض سعر البترول.
وبهذه الحقيقة الساطعة, لم نجد السلطة تتحمل بصمت تبعات قرارها السياسي بتخفيض أسعار النفط, ولكننا وجدناها تلوح بأكذوبة شبح الإفلاس, وتتحدث عن إجراءات تتسم بالصرامة والتقشف… مؤكد أنكم تذكرون إننا كنا وما زلنا من أوائل الداعين, لشد الحزام, وفرض رسوم على بعض الخدمات, ورفع الدعم عن بعضها الآخر, ولكن ليس هذا وقته, فأي إجراء من هذا القبيل خلال هذه الفترة تحديدا, سيخدم مؤامرة تخفيض سعر النفط. ومتى كانت الدولة جادة في هذا الاتجاه, فعليها أن تبدأ بأجهزتها ومؤسساتها الحكومية, فالضرر هنا أصغر, والمنفعة أكبر.
ولاستيعاب حجم الهدر, لكم أن تتخيلوا أن وزارة الداخلية اتفقت على إنشاء مبنيين لإدارتين بتكلفة تصل إلى نحو 125 مليون دينار! بينما وقعت شركة البترول الوطنية عقدين لمدة سنة لاستئجار سيارات فارهة لموظفيها بقيمة تبلغ 8 ملايين دينار!
غدا نختم بإذن الله تعالى.
صالح الغنام