الانسياق إلى الهاوية “4″
قلنا في مقالة أمس, إن الكويت وبقية دول الخليج المنتجة للنفط, لن تتأثر فعليا بانخفاض أسعار النفط, فالخسائر المزعومة والفقر الذي يدعون إنهم مقبلون عليه, إنما هو على الورق فقط, فالسعر التقديري لبيع برميل النفط في الميزانية العامة للدولة, يخضع للمزاجية, ولا علاقة له بتاتا, وإطلاقا, وتماما, ونهائيا, بالتكلفة الحقيقية لإنتاج برميل النفط. وقد قرأنا قبل نحو شهر, أن وزارة النفط ومؤسسة البترول أوصتا بوضع سعر تقديري للبرميل في الموازنة المقبلة, بواقع 55 دولارا بدلا من 75 دولارا…
هكذا, من دون شرح أو توضيح, ومن غير “شلون؟ وليش؟ واشحقه؟”
أقول هذا, فقط تأكيدا على أن انخفاض أسعار النفط, ما هو إلا مؤامرة دنيئة تستهدف أوطاننا. والغرض منها, اختلاق ذرائع, ذرائع لأميركا كي تتدخل في قراراتنا السيادية بحجة الحفاظ على اقتصادها ومصالح شركاتها الكبرى, ومنها شركات إنتاج النفط الصخري التي هي على شفير الإفلاس. ذرائع لحليفتها إيران كي تئن وتتأوه وتتوجع من انخفاض سعر النفط, وتحمل مسؤولية ذلك الى دول “الخليج”, فتنتفض وتتحرك لمواجهتها إما بشكل مباشر أو عبر سكك خلفية بواسطة الحوثيين. ذرائع لأنظمة “الخليج” كي تقتنص دعاية انخفاض النفط, بفرض رسوم وضرائب واتخاذ إجراءات صارمة ومتشددة ضد شعوبها, ستتسبب لاحقا بخلق فجوة بين الأنظمة والشعوب, وغير ذلك, مما لا يسع المجال لذكره! المتفكر في هذا كله, سيجد أن المستفيد الوحيد من مؤامرة انخفاض أسعار النفط, هو أميركا, فقد ارتفع الدولار إلى مستويات عالية جدا, وتحسن الوضع المعيشي لشعبها جراء انخفاض أسعار البنزين, ما أسهم في زيادة حجم الإنفاق, وشهدت تجارتها رواجا عظيما بفضل تراجع كلفة شحن ونقل البضائع, وارتفع مخزونها النفطي بشكل غير مسبوق… على النقيض, نجد أن بلداننا ابتلعت الطعم, وراحت تلوح بإجراءات تقشفية ابتدأتها بإلغاء جبن “قلاص” من البطاقة التموينية
ـ على سبيل جس النبض ورصد ردود الفعل
ـ وإجراءات أخرى متشددة على غير معنى وفي غير وقتها! فمثلاً, ماذا يعني ترحيل وافد فقط لأنه مارس الشواء؟ أو إنه أوقف سيارته في الممنوع؟ أو إنه أهمل تجديد إقامته شهرين أو ثلاثة؟ لماذا الاستفزاز بمثل هذه العقوبات القهرية مقابل مخالفات يمكن ردعها بالغرامات المالية؟ لماذا هذا التسلط, وفي هذا الوقت بالذات؟
ومن يقول بأهمية ذلك لتقليص أعداد الوافدين, نقول له, عليك فعل ذلك بشكل ألطف, من خلال عدم تجديد عقودهم, وإمهالهم لحين انتهاء مدة إقامتهم في البلاد. ومن جانب آخر, لماذا فرض قانون جمع السلاح الآن؟ لماذا لم يتم ذلك من قبل؟ ثم ما قصة ما يدور من حديث عن حبس الناس وسحب سياراتهم لمجرد التدخين في السيارة, أو تعلية صوت الراديو؟ ما الذي يدور في بالكم تحديدا؟ وما الذي تريدون الوصول إليه؟ واضح إن الجماعة عندنا, فاهمين الهيبة غلط. وواضح جدا, أنهم أميون لا يحسنون قراءة ما هو حولهم, وما يراد لهم, ولو كانوا غير ذلك, لما انساقوا واندفعوا بمثل هذه الطريقة… اربطوا بين مؤامرة تخفيض أسعار النفط, وما اتخذ وسيتخذ داخليا من إجراءات, ومن ثم افهموا بمزاجكم!
صالح الغنام salehpen@hotmail.com