المال العام فقط يمنح بلا ضمانات
الكاتب/ باسل الجاسر
في السابع من يناير الماضي اعلنت جريدة الانباء علمها (بان الحكومة خصصت 2 مليار دينار في البنوك لإقراض المواطنين الراغبين في التداول في البورصة.
وقالت مصادر رفيعة في تصريحات خاصة لـ «الأنباء»: ان البنك المركزي خصص هذا المبلغ لإقراض المواطنين دون طلب ضمانات منهم وذلك لدعم الراغبين في الاستثمار في البورصة.)
ورغم مصداقية الانباء الراسخة الا انني تشككت بالخبر، ولكن الايام التي اعقبت النشر أكدته بصورة قاطعة.. وهنا كانتالمفاجئة الكبرى فكيف تقدم الاموال العامة للمواطنين للأستثمار في البورصة، وتسهيل الامر لهم بل وأغراءهم بالحصول على قروض بدون ضمانات..؟ بينما عندما يأخذ المواطن حقه الدستوري من الدولة المتعلق بالسكن ولا يحصل على القرض الاسكاني بعد رهن البيت الذي سيشتريه مقابل القرض..؟ ثم ماذا لو خسر المواطن هذه الاموال التي اقترضها “وهو الاقرب على اعتبار انه لايملك الخبرة الكافية في الاستثمار بالبورصة” فكيف سيتعامل معه البنك الذي اقرضه..؟ هل سيسجنه ام يقول له عليك بالعافية..؟ والاهم كيف تضخ الحكومة مليارين دينار في البورصة وفيها الكثير من الشركات الآيلة للسقوط في سلة الافلاس..؟
هذه ابرز التساؤلات التي دارت في ذهني بعد تأكد الخبر.. ولكن بعد الذهاب لبنكين والسؤال، افادوني بأن الموضوع صحيح ولكن لم يعمم على الفروع، بما يعني أن امر هذه القروض سيكون محصورا بالادارة العليا ولن يتم تعميمه على الفروع وبالتالي لن تقوم بمنح هذه القروض للمواطنين، ولكن سينحصر منحها من خلال الادارة العليا..! وهنا اتضحت الصورة فالمليارين دينار حملت على اسم جميع المواطنين، ولكنها بالواقع ليست لهم وانما ستذهب لمواطنين معينين وبذاتهم لانهم المحظيين لدى الحكومة.. ويبدو انهم اليوم بحاجة ماسة للسيولة النقدية وكل مالديهم من عقارات واسهم ومنقولات مرهونة لدى البنوك.. والبنوك لا تقدم القروض الا بضمانات حرصا على اموال مساهميها.. فقررت الحكومة تقديم مليارين دينار من المال العام لحل مشكلة احتياج هذه الفئة القليلة من المواطنين للسيولة النقدية، فأتت التعليمات للبنوك بتقديم هذه الاموال بدون ضمانات..!؟ لذلك فقد خلت التعليمات من تحديد اي المواطنين يحق لهم الحصول على هذه القروض، وتركت الامر للبنوك التي تعرف زبائنها المعسرين، والتي هي في طريقها لتسييل اصولهم المرهونة بعد ان وصلت البنوك معهم الى طريقا مسدود..؟!
فقامت الحكومة بدفع مليارين دينار من المال العام في هذه الظروف الصعبة من العجز المحدق بالميزانية الدولة، لحل مشكلة البعض القليل من اصحاب الحظوة.. فقدمت لهم الحكومة على سبيلالانقاذ مليارين دينار من المال العام كقروض وبدون اي ضمانات..؟! اي فقط وقع واقبض عشرات الملايين او ربما مئات الملايين من الدنانير..! ولهم ان يردوها بالوقت الذي يشاءون وحتى ان لم يردوها فالامر متروكا لهم.. ولاحول ولاقوة الا بالله..
فعلمت بأن الحكومة تتعامل مع المال العام على انه مال سائب لاصاحب له، وللاسف لا يوجد مجلس تخشى ان يحاسبها او يسائلها.. لذلك قامت الحكومة بتقديم ملياريين دينار من المال العام على هيئة قروض بدون ضمانات، وهو المال الوحيد في الكويت بل وبالعالم الذي يمنح بدون ضمانات وكأنه هبة او هدية لمن حصل عليه.. فهل من مدكر..؟
باسل الجاسر