رابطة مشجعي القطاع الخاص!
صالح الغنام
من ألذ المقالات التي استمتعت بكتابتها, تلك المقالة التي تحدثت فيها عن عبقرية ونبوغ الحكومة في الترويج لمنتجاتها, ونجاحها في إدارة وتسويق الخدمات, وكنت اقصد بذلك, الحكومات التي تولت شؤون البلاد في حقبتي الستينات والسبعينات من القرن الماضي. وكان سبب كتابتي لتك المقالة, أنني فندت عمليا, التساؤل الذي ساقه أحد السياسيين المفوهين, بقوله: “كيف للدولة أن تبيع النفط والبسكويت في آنٍ واحد”? وهو القول الذي طار به عشاقه والمتأثرون به, فأخذوا يرددونه بلا مراجعة, أو تدقيق… عموما, لن أسمح للذاكرة أن تسرح في تلك المقالة, فتستدرجني وتجرني لسوق أمثلة تدل على شطارة الحكومة, فأجد نفسي في الأخير, وقد غردت بعيدا عن الفكرة التي أنا بصدد تناولها! وكي أكون صريحا, فأنا أدير عملا في القطاع الخاص, وأجني رزقي بالتعاون مع جهات في العمل الخاص, وعلاقاتي الاجتماعية مرتبطة بتواصل وثيق مع رؤوس العمل الخاص, ما يعني أن أي انتقاد لهذا القطاع الحيوي والمهم, ليس موجها ضده, وإنما موجه لانحراف الأداء, ولاستمرارية فكر الدولة بسياسة التنفيع, بحجة التشجيع. وهو المصطلح الذي لا يفارق لسان العاملين في هذا القطاع, ولا لسان كبار المسؤولين في الحكومة. فبانعقاد كل ندوة, أو مؤتمر, أو احتفالية لها علاقة بالقطاع الخاص, حتما ولا بد, أن تختتم تلك الفعالية بتوصية معلومة سلفا وهي “تشجيع القطاع الخاص”! ولفرط تكرار تلك التوصية, صرت أفكر جديا التقدم بطلب إشهار جمعية “رابطة مشجعي القطاع الخاص”! وسواء اعترف البعض, أو كابر وأنكر تدليع الدولة وتدليلها القطاع الخاص, فهذه الحقيقة لا يمكن إخفاؤها. ويحق لنا أن نتساءل عن الذي جناه الشعب والمجتمع والدولة, لقاء تشجيع الحكومة لهذا القطاع وتخليها عن ممتلكاتها لمصلحته? هل تطورت المرافق? هل تحسنت الخدمات? هل اختلف أداء القطاع الخاص عن أداء الحكومة? أبداً, فنحن ندفع أموالا طائلة لشركات الهواتف النقالة, ومع ذلك ينقطع الاتصال لمجرد مرورنا قرب جسر أو مبنى مرتفع! وجميعنا يرى “باصات” النقل الجماعي التابعة للقطاع الخاص, وهي تلوث الهواء لفرط قدمها وانعدام صيانتها, بسحب لا متناهية من الدخان الأسود. وها هي الشركات المزودة للانترنت, تتقاضى رسوما باهظة لقاء انترنت ضعيف, ينقطع أكثر مما يشبك! ولنا أيضا أن نتساءل عن الذي جد على خدمات محطات الوقود بعد تنازل الحكومة عنها! هل جرى عليها تطوير بخلاف تغيير لون ملابس العاملين? الشاهد إنني لن أطيل في سرد الأمثلة, فغرضي كف الألسن عن ترديد مقولة “تشجيع القطاع الخاص”, وهي مقولة يقصد بها التنفيع, تماما كما فعلت الحكومة بتنفيعها القطاع الخاص, حين كلفته تخطيط المنطقة الحرفية في منطقة العارضية, وكأن الحكومة عاجزة, بمهندسيها وفنييها ,عن تقسيم وتخطيط قطعة أرض, تحولت من منطقة حرفية, إلى مقاه ومحلات تأجير سيارات, ومطاعم تقدم المندي والكباب الإيراني… تريدون تشجيع القطاع الخاص? لا بأس, ولكن ارهنوا ذلك بفائدة تعود على المجتمع, وليس بفصل المواطنين, والتحايل على الدولة بالتعيينات الوهمية!