مقالات

ليلة بكى فيها الكويتيون!

سامي النصف

تحتفل الكويت هذه الأيام بعيدي الاستقلال في 25/2 والتحرير في 26/2، وهناك تساؤل دائم من الأصدقاء العرب والأجانب عن سبب الاحتفال بيومين وطنيين، خاصة ان اغلب الدول الأوروبية والآسيوية وحتى العربية قد احتلت وتحررت أكثر من مرة إلا أنهم يختارون تاريخاً معيناً ليومهم الوطني قد لا يكون حتى مرتبطا بيوم التحرير كحال احتفال فرنسا بيوم سقوط سجن الباستيل لا بيوم تحررها من الاحتلال النازي.

***

والحقيقة التاريخية تثبت ان استقلال الكويت من بريطانيا تم في 19 يونيو 1961 إلا أن ذلك التاريخ كان يصادف العطلة الصيفية والطقس شديد الحرارة ما يحد من القدرة على الاحتفال فيه، لذا استبدل بالتراضي بيوم 25 فبراير الذي يصادف عيد جلوس «أبو الاستقلال» الشيخ عبدالله السالم، طيب الله ثراه، ومعروف ان الإنجليز حضروا للخليج بالتفاهم والتوافق لا بالحرب والضرب عندما كان أهل الخليج فقراء ومنحوا دول الخليج الاستقلال دون الحاجة لطلقة رصاص واحدة وبعد أن أصبح أهل الخليج من الأغنياء وفي هذا تكذيب لمن ادعى ان أنظمة الانقلابات العربية هي من اضطرت الاستعمار للرحيل.. ويا لها من كذبة فجة!

***

ففي عام 1945 أعلنت الحكومة العمالية برئاسة كلمنص إتلي التي فازت باكتساح على حزب المحافظين ان الاستعمار قضية غير مجدية اخلاقيا واقتصاديا وديموغرافيا بسبب تزايد عدد سكان المستعمرات وبدء الهجرة المعاكسة، وانضمت بريطانيا في نفس العام لاتفاقية تصفية الاستعمار ومنحت الهند التي تسمى جوهرة التاج البريطاني استقلالها دون حرب ولم يعد هناك داع لبقاء القوات البريطانية في مصر والعراق وفلسطين التي وضُعت لحماية الطريق للهند، وبدأ وزير الخارجية النقابي البريطاني صديق العرب ارنست بيفن محادثات مع مصر والعراق للجلاء عن أراضيهما وتم الاختلاف على شرط حق العودة حال تهديد الدب السوفييتي لهما، فسقطت معاهدات بيفن ـ جبر في العراق، وبيفن ـ صدقي في مصر وادعى البطولة الكاذبة من ادعاها آنذاك.

***

إن الليلة التي بكى فيها الكويتيون حزنا أو فرحا لم تكن قطعا ليلة دخول الأصدقاء البريطانيين أو خروجهم وكانوا قد حموا الكويت والخليج أكثر من مرة من الوحوش الطامعة دون انتظار شكر أو منّة، إن ما أبكى الكويتيين حزنا ودما هو دخول الصداميين ممن عاثوا في الأرض فسادا فقتلوا وسرقوا وانتهكوا الأعراض وأحرقوا الثروات ممثلة في آبار النفط مصدر الرزق الوحيد للكويت، ثم بكوا فرحا عندما تم طرد الغزاة الصداميين على يد قوى التحالف الغربي والعربي، وشتان في تاريخ بلادنا ما بين استعمار إنساني رحيم أفادنا ولم يضرنا واستعمار عدواني لئيم أباد الزرع والضرع.

***

آخر محطة:

ماذا لو طلبنا كعرب عام 2003 من قوى التحالف الغربي والولايات المتحدة تحديدا مع لحظة دخولهم العراق وإسقاطهم الطاغية ان يبقوا فيها ولا يخرجوا منها الا وقد وصلت الى ما وصلت اليه اليابان أو ألمانيا أو كوريا وبتعاون من دولنا العربية بدلا من اعتبارهم محتلين تجب مقاومتهم وقتلهم وطردهم كي… نتفرغ لقتل بعضنا البعض وتدمير دولنا كما يحدث هذه الأيام؟!

samialnesf1@hotmail.com

@salnesf

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.