“الساعة اثنعش”!
صالح الغنام
لا يحضرني حاليا أي مثال, أو شكل من أشكال ارتباط المواطنين والمقيمين بوزارات الدولة ومؤسساتها سوى الدفع, وأقصد دفع رسوم الخدمات والغرامات والمخالفات, وما شابه. إذاً, الصورة الذهنية للعلاقة المباشرة بين المواطنين والمقيمين من جهة, والدولة من جهة أخرى, هي علاقة مستهلك بـ “كاشير”. بمعنى, لو أن الحكومة اتبعت واعتمدت نظاما إلكترونيا فعالا وأمنا ومعترفا به يتم بواسطته دفع الرسوم والمستحقات المالية على المواطنين والمقيمين, لما احتاجت إلى إنشاء عشرات الأفرع التابعة لوزاراتها الخدمية, ولرحمت الناس من عناء المراجعة الشخصية لهذه الفروع!
قد يقول البعض, بوجود مثل هذا النظام الإلكتروني الخاص باستيفاء رسوم خدمات الدولة. ولكنني, ومن واقع تجربة شخصية لا أثق به, فيما عدا ذاك التابع لوزارة الداخلية. فقبل نحو شهرين, قطعت وزارة المواصلات الحرارة عن ثلاثة خطوط هاتفية خاصة بمنزلي, فقيل أنه بإمكاني سداد الرسوم عن طريق موقعهم الإلكتروني, ففعلت, لكن لم يتم إرجاع الحرارة, فاتصلت بالمقسم, وإذا بالموظفة تقول لي: بالفعل, أنت سددت الفواتير إلكترونيا, ولكن عليك مراجعة قسم الكيبل لإرجاع الخدمة, ولو كنت حضرت إلى المقسم شخصيا ودفعت الرسوم, لتم تشغيل هواتف منزلك على الفور… “شايفين مزايا الحكومة الإلكترونية”؟
بسبب هذا التخلف, أضطر أنا وغيري لمراجعة مراكز الخدمات شخصيا, والمسألة تهون كثيرا, بالنسبة للخدمات التي يكون رسمها عبارة عن طوابع مالية يتم شراؤها من الماكينات المنتشرة في تلك المراكز, إلا أن المصيبة تتعاظم في سداد الرسوم النقدية, فموظفو الصندوق أو الخزينة, في غالبية فروع الوزارات الخدمية يتوقفون عن تسلم الرسوم النقدية من المواطنين والمقيمين, بحلول الساعة الثانية عشرة ظهرا, بحجج واهية, مثل مراجعة الحسابات وعدْ النقدية. يقولون ذلك للمراجعين, غير آبهين بتوسلاتهم, وغير مكترثين لمشاغلهم, وظروف استئذانهم من مواقع أعمالهم!
افتراء صغار الموظفين هذا, ينبغي أن يوضع له حد يردعهم ويمنعهم من التلذذ في تعذيب الناس, فإغلاق الصندوق في تمام الساعة الثانية عشرة, هو وقت مبكر جدا, متى أخذنا بالاعتبار ازدحام الشوارع, وصعوبة إيجاد مواقف للسيارات, فضلا, عن إن مراجعة الحسابات وعدْ النقدية, هو عذر أقبح من ذنب, فأغلب المراجعين يدفعون ما عليهم من مستحقات مالية بواسطة أجهزة “NET. K”, وهذه الوسيلة المتطورة, لا تحتاج لإغلاق الصندوق قبل ساعة ونصف الساعة من انتهاء الدوام. ثم وحتى في حال التشبث بإغلاق الصندوق في الساعة الثانية عشرة ظهرا, ورفض تسلم الرسوم نقدا, فما الذي يمنع من التسهيل على المراجعين, وقبول سداد الرسوم بواسطة البطاقات البنكية… صعبة هذي؟!
غريب أمر الحكومة, ثلاثة أرباع السنة تتوقف المصالح بسبب العطل والمناسبات الرسمية والدينية, وفي أيام الدوام, تقفل الدولة أبوابها الساعة “اثنعش”!
salehpen@hotmail.com
* صالح الغنام