حليب ماما حكومة.. الحنونة
أستطيع أن أشبه حالنا اليوم ككويتيين في ظل تغيّر الظروف التي نعيشها، والتي تعودنا عليها منذ سنوات طويلة، كالطفل الرضيع الذي تعود على الرضاعة الطبيعية من صدر والدته، او على الحليب الخارجي.
هذا الطفل، وبفضل أمه الحنون، لا يتوانى لحظة عن البكاء لحظة شعوره بالجوع، ليلفت نظرها الى رغبته بالرضاعة، فتستجيب له فورا وتأخذه بين يديها وتضمه الى صدرها الحنون لينام قرير العين.
والدة الطفل ماما حكومة أبت إلا أن تستمر في ارضاع طفلها سنوات أطول من اللازم، فنما الطفل وزجاجة الحليب لا تفارقه، يحملها اينما يكون، في الوقت الذي بدأ ينتقل من مرحلة الرضاعة الى مرحلة جديدة تحتاج الى اعلان فطامه نهائيا.
لكن الطفل المدلل يرفض ذلك، فلا أحلى ولا أجمل من حليب الأم، سهل الهضم، لا يحتاج منه سوى الاستلقاء في أحضانها واغماض العينين، ليسبح في فلك الاحلام، والابتسامة لا تفارق محياه.
ولان الماما الحنونة لا تستحمل صراخ او احتجاج الطفل، فهي لم تتعامل مع موضوع فطمه بجدية وحزم، وتجريب انواع الغذاء الاخرى، وبشكل تدريجي، ولانه اصبح كبيرا نوعا ما على هذا التحول المهم في حياته، فالماما تواجه الصعاب مقارنة بغيره من الاطفال، فهو تارة يبكي وتارة أخرى يصرخ، مما يسبب لها الازعاج.
نحن الشعب الكويتي، وبفضل ماما حكومة الحنونة، لم نستوعب ان وقت فطامنا من حليبها قد حان، لان ماما تأخرت في تعويدنا على ذلك، لان حليبها بدأ ينضب ويقل مع مرور الوقت، ومع استمرار شفطه كلما احسسنا بالحاجة له، وكلما ارادت ماما حكومة التخلص من بكائنا وصراخنا، القمتنا صدرها لنخرس نحن وترتاح هي، مما زاد من صعوبة الموضوع مع تقدم عمرنا.
عندما بدأت ماما الحكومة الحنونة بالتكشير تعبيرا عن شيء من الحزم والقوة اللذين لم نتعودهما منها، لاجبارنا على ترك ضرعها، والاعتماد على ذاتنا في الطعام، بدأنا نصرخ ونزبد ونرعد، لاننا نعرف ان قلبها الرهيف لن يتركنا في الوضع ذاته، فهي بالتأكيد ستتراجع عن قرارها، وستضمنا الى صدرها لعلنا نسكت، وهذا ما نعتمد عليه في تعبيرنا عن الغضب.
عندما اعلنت ماما حكومة عن رفع الدعم عن الديزل، وبشكل مفاجئ ودون مقدمات وبنسبة غير عادية، بدأ الصراخ، فوجدت نفسها في موقف صعب، هل تستمر في حزمها وجديتها وتمضي قدما، ام يحن قلبها كالعادة وتعيد النظر في قرارها.. تؤجله ام تغيره، ام ماذا؟
الفطام مطلوب يا ماما حكومة، وهو آت في يوم ما، لكن الحنية مطلوبة ايضا والتدرج في فطامنا مطلوب اكثر، فالموضوع اليوم اصعب من قبل سنوات، فكلما تأخرالفطام زادت المشكلة صعوبة وزاد العناد، وصعب الحل.. الحلم والحنان مطلوبان، ولكن الحزم والاصرار مطلوبان اكثر، لمصلحتنا اولاً واخيراً.
إقبال الأحمد
Iqbalalahmed0@yahoo.com
Iqbalalahmed0@gmail.com