“أجهرتونا… عميتونا… صرعتونا”!
صالح الغنام
في آخر يوم من العام 2014 نشرت إحدى الصحف الزميلة, خبرا نقلا عن لسان قيادي أمني, كشف فيه عن نية وزارة الداخلية إدخال 1200 دورية جديدة إلى الخدمة, بحلول شهر مارس الجاري. وذكر القيادي, إن هذه الدوريات تعد دفعة أولى, ستتبعها دفعات أخرى… إلى الآن, الخبر جميل جدا, ويبشر بالخير, فلا أحد يكره أن تعزز وزارة الداخلية قدراتها الأمنية, وانتشارها الميداني, وكل ما من شأنه أن يحقق الأمن والأمان. إلا أن هناك ملاحظة, أتمنى مخلصا أن تؤخذ بالحسبان, وتتم مراعاتها بلا مكابرة أو عناد, حتى وإن كان فيها ضرر مادي للوزارة, أو للمتعهدين, أو لمن له صلة أو مصلحة بجلب الدوريات الجديدة, أو الدوريات التي هي داخل الخدمة حاليا.
فمنذ عامين تقريبا, وكثير من الناس يشتكون من وميض “فلاشر” الدوريات الجديدة. فالأنوار المثبتة فوق سقف الدوريات, تومض بشكل قوي وصاعق ومزعج, وهي إما تسبب عمى موقتا للعين, أو اختلالا في الرؤية, وكأنها عبارة عن مجموعة فلاشات كاميرات فوتوغرافية, اجتمعت في مكان واحد, وتعمل بوقت واحد, ولا أبالغ, إن قلت إن أثر “فلاشر” الدوريات على العين, لا يختلف عن أثر أشعة الليزر المحظورة دوليا, والتي يستخدمها المتظاهرون والمشاغبون في الشوارع والأندية, فما بالك, وأن سائقي المركبات يتعرضون رغما عنهم لأذى هذه الـ “فلاشرات”, بسبب ازدحام الطرق وبطء حركة السير, خصوصا حين تسير الدوريات إلى جانبهم, أو على حارة الأمان, من دون أن يطفئ الشرطي الـ “فلاشر” أو يستخدم أضواء خافته, كتلك التي كانت موجودة في الـ “فلاشرات” القديمة.
ولأنني لا أتكلم من فراغ, فيمكن للمعنيين في وزارة الداخلية مخاطبة أطباء الدماغ والأعصاب في مستشفى ابن سينا, لمعرفة رأيهم في “فلاشرات” الدوريات, وأثرها على المرضى الذين يعانون من مشكلات في الأعصاب. فقد تعرض أكثر من مريض إلى حالة من التشنج والصرع في وسط الشارع, بسبب وميض هذه الـ “فلاشرات”. لكونها تستفز الأعصاب وتهيجها وتوترها إلى أن تتفاعل كهرباء أجسادهم مع الوميض, فينتج عنه تشنج وصرع… أقول هذا الكلام, نقلا عن حوادث وقعت بالفعل, وما على وزارة الداخلية سوى إجراء اتصال هاتفي, أو إرسال خطاب للمستشفى المعني, للتأكد من هذه المعلومات!
الذي نرجوه مخلصين من وزارة الداخلية, إما العودة لاستخدام “فلاشرات” مشابهة للقديمة, أو تعديل الجديدة بالتخفيف من قوة وميضها. ونأمل ألا يكابر المكابرون, فاللمبات الموضوعة فوق سقف الدورية, لا علاقة لها بالأمن, ولا بالهيبة, ولا بردع المجرمين, أو المستهترين من سائقي المركبات … ارحمونا يرحمكم الله, فأنتم بـ “فلاشات” دورياتكم, “أجهرتونا, عميتونا, صرعتونا”!
* صالح الغنام
salehpen@hotmail.com