سجناء في أتاتورك
نحن بالفعل نعيش غافلين عن أمور كثيرة اما ﻷننا بعيدون عنها، أو لعدم اهتمامنا بها، أو لعدم حدوث مناسبة تجعلنا على تماس مباشر بها، وقد وضعني سوء الحظ أخيرا في تجربة جعلتني أحمد الله كثيرا على الحالة الطيبة التي نعيشها في بلدنا الحبيب، المحروم منها مواطنو دول كثيرة يتمنون عشر ما نحن فيه من أمان ورخاء.ما حدث هو وضعي في غرفة حجز في مطار أتاتورك عدة ساعات الى حين العودة إلى الكويت بسبب تأشيرة وضعت على جواز باقي على انتهائه شهرين زمان.، ورغم ان الموافقة على الفيزا جاءت من تركيا نفسها، ورغم ان الزيارة قصيرة ﻻ تتعدى أربعة الأيام، وبالرغم من الحجز المؤكد للفندق، اﻻ ان ذلك لم يشفع لنا، وتم ترحيلنا على الطائرة العائدة للكويت في المساء، وقد أكتب عن ذلك بالتفصيل في استراحة خميسية حين تعود الوطن الورقية للصدور باذن الله تعالى.المهم أنه في ذلك المطار غرفتان للحجز واحدة للنساء واﻷطفال، واﻷخرى للرجال والصبيان، وفي كل منها طاولة طعام صغيرة، ومجموعة من ال sofa bed، وخزانة صغيرة مفتوحة، وتلفزيون علق قريبا.من السقف ما يجعل اﻹنسان في غنى عن مشاهدته للآﻻم التي يسببها في العنق، خاصة أنه ﻻ يعرض سوى قناة تركية واحدة، ومجموعة كاميرات لمراقبة المحجوزين، وتليفون داخلي، ودورة مياه بسيطة.نأتي للأهم من ذلك كله وهو الناس المحبوسة بين جدران أربعة وكلها تنتظر الفرج من رب العالمين، ومن بين هؤﻻء سيدة أفريقية هي أقدم المحبوسات، فهي محبوسة منذ أكثر من ثلاثة أشهر، بانتظار الموافقة على طلب لجوء سياسي تقدمت به، وقد تعاطفت معها في الحقيقة، فقد ضاق صدري من الغرفة وأنا لم أقض فيها سوى بضع ساعات، فكيف بتلك المرأة التي ﻻ تجد شيئاً تفعله سوى ان تنام ثم تستيقظ لتعود وتنام مرة أخرى.هناك أيضا تلك المرأة العراقية وابنتاها المراهقتان، وولدها الصغير، الهاربون من ليبيا الى تركيا، بجوازات عراقية كلف كل منها 1200 دوﻻر، اتضح عند الوصول للمطار أنها مزورة، ومازالت السيدة وابنتاها قابعات في تلك الغرفة منذ أكثر من شهر بانتظار حل، ولكم ان تتصوروا كيف يمكن ان يعيش انسان بنفس الملابس، وبأقل اﻹمكانات طوال تلك المدة، وربما أكثر.في تلك الغرفة أيضا سيدة أفغانية معها ثلاثة أطفال صغار في سن الروضة وأقل، فروا من أفغانستان، ووقعوا في الحجز التركي بسبب الفيزا المزورة، وتخيلوا ما يفعله الحجز بطفل صغير ﻻ يريد سوى ان ينطلق ويلعب.كانت هناك أخريات تم حجزهن بسبب التأشيرة المزورة، وجلسن بانتظار الترحيل الى بلادهن، وهو أمر محزن ان تقصد بلدا ما طلبا للفرج، فتجد نفسك في مشكلة أكبر.سأكتب المزيد عن تلك التجربة المؤلمة بتوسع اذا سنحت الفرصة، وأهم ما فيها هو القرار الكويتي بعدم منح تمديد لصلاحية الجواز اذا وقع مواطن في نفس الورطة التي وقعت فيها على عكس ما تقوم به السفارة السعودية التي يسارع سفيرها الى عمل اللازم للمحافظة على كرامة وعزة المواطن السعودي، وهذا ما قاله لي الموظف التركي، وأملي بأن تعيد الحكومة النظر في قرار عدم التمديد لجواز السفر حين الحاجة، وﻻ أظن ان حكومتنا الرشيدة تفرح اذا مواطن كويتي (انهان).
عزيزة المفرج