ثغرة للثراء!
صالح الغنام
أعجبني عنوان المقالة, فتركته كما هو. ففي الحقيقة, فإن المعبر للثراء ليس لوجود ثغرات في القانون, وإنما بسبب قصور تشريعي فاضح. وفي قضية قيادي “التأمينات” السابق, فقد أكد لي أكثر من شخص ممن لا يتأثرون بالمانشيتات العريضة, ولا ينجرفون وراء الحملات الإعلامية الموجهة. إن الرجل “صاغ سليم” من الناحية القانونية, فهو لم يختلس, أو يسرق, أو يتلاعب بأموال المؤسسة, وإنما كان يستغل معلومات لا تتهيأ لغيره, فيستثمر أمواله في مشاريع تكون المؤسسة قد ضخت أموالا بها, أو هي مقبلة على فرص استثمارية في جهات أو دول أو شركات معينة, ويعلم مسبقا إنها ستحقق أرباحا قياسية, فيستغل الفرصة, و”ينوبه” من الحب جانب… وأي جانب!
هذا كلام الواثقين من براءة قيادي “التأمينات” السابق. وأنا مجرد ناقل للكلام, من دون اعتراض أو تأييد. وحين سألتهم عن سبب عدم قيامه بنشر إعلان يحذر فيه من شهروا به, ويذكرهم أن القضية تنظرها النيابة, “ولا يجوز الخوض فيها”, وبأنه سيحتفظ بحقه في الرجوع قانونيا على كل من أساء إليه. أجابوني بعبارات فضفاضة, فهمت منها, أنه لا يريد القيام بخطوات استفزازية, لوجود شخصيات من الوزن الثقيل متورطة معه, وهو ينتظر ردود فعلهم, قبل أن يقوم من تلقاء نفسه بارتكاب ما يثير حنقهم عليه… طبعا, الكلام غير مقنع بالنسبة لي, ولكن, هكذا قالوا, وهو بالنهاية مجرد تحليل منهم.
من كل ما سبق, الذي يعنيني فقط, هو عدم وجود تشريع يحظر على من يتقلدون الوظائف العامة, الارتزاق والانتفاع بفضل ما تتيحه لهم وظائفهم من علاقات ونفوذ وأسبقية في الإطلاع على المعلومات. وأذكر أن أحد الشخصيات المحترمة روى لي أن قياديا كبيرا, أقسم له بأغلظ الأيمان, أنه لا يعرف بالضبط, عدد الشقق والفلل والشاليهات والمزارع والأراضي التي يملكها في سائر دول العالم. ولما سأله: كيف تجهل شيئا تملكه? قال: لأنها عبارة عن هدايا وهبات! فكل مشروع أو نشاط استثماري خارج البلاد تقوم به الجهة التابعة لي, يصل إلى غرفتي في الفندق, أو إلى مكتبي في الكويت, صك ملكية عقار باسمي الشخصي, كبادرة شكر, وعربون محبة!
تريثوا من فضلكم, ولا تأخذكم الظنون بعيدا, فهذا أمر متعارف عليه, والعلة تكمن في القصور التشريعي, وليس في شخص القيادي. لذلك, نجد أن الدول المتقدمة, سنت قوانين فرضت على شاغلي الوظائف العامة, الإفصاح عن كل ما يحصلون عليه من هدايا رمزية وعينية, ليتم توثيقها, ومن ثم تسليمها للدولة. فلو لم تعين الدولة ذلك القيادي في منصبه, لما حصل على شق تمرة, فما بالك بعقارات تباع بالملايين. وعلى هذا, نتمنى على هيئة مكافحة الفساد, البحث في موضوع استنفاع ¯ ولا نقول تربح أو تكسب ¯ الموظفين العموميين, وإعداد مسودة قانون تغطي القصور التشريعي, ومن ثم ترفعه إلى الحكومة لتعرضه على مجلس الأمة. فالمسارعة بهذا, أولى من الانشغال بكشف الذمة المالية.
com.salehpen@hotmail