مقالات

العزل السياسي يدمّر أوطاننا!

سامي النصف

مع انتهاء الحرب الكونية الثانية لم يعزل الحلفاء الملايين من منضوي الحزب النازي الألماني بل اكتفوا بمحاكمة ثلة من قياداتهم في محاكمات نورنبيرغ الشهيرة، حيث نشأ الحزب النازي وتم مد يد العون للشعب الألماني ومن ضمنه النازيون، ولولا ذلك لكانت المانيا حاليا مقسمة وتسودها الحروب الأهلية فليس أضر على الأمم من جعل الملايين المعزولة ترى أن حياتها تقوم على معطى موت.. الدولة العازلة!

***

في صباح يوم الأحد 13/ 4/ 1975 أشعل صدام شرارة الحرب الأهلية اللبنانية عندما قام عملاء من جبهة التحرير العربية التابعة له بإطلاق النار على محتفلين من قيادات حزب الكتائب في إحدى كنائس عين الرمانة في بيروت وقتل البعض منهم ثم تم رشوة قائد باص يقل فلسطينيين مسلحين ليمر بهم وسط تلك المنطقة المكلومة والغاضبة وتستكمل مؤامرة تدمير لبنان بقرار القوى الوطنية بـ«عزل» الكتائب والقوى اليمينية معها لتستمر الحرب الأهلية لـ 15 عاما بسبب ذلك القرار الأهوج الذي تم التراجع عنه لاحقا بعد تدمير لبنان.

***

ورغم التجربة الأميركية في المانيا التي أثبتت نجاحها بسبب جرعة التسامح والنظر للمستقبل تجاه قاتليهم من النازيين، إلا أن حاكم العراق المدني بول بريمر أصدر فور دخوله العراق عام 2003 قانون اجتثاث البعث وأصبح الملايين من العسكريين والمدنيين ممن انضموا للبعث صوريا ولم يكونوا من مرتكبي جرائمه خارج نطاق التوظيف بالدولة في بلد لا يوجد به قطاع خاص ومن ثم أصبحوا أداة سهلة بيد من يريد الإضرار بالعراق واستقراره وكحال لبنان استمرت الحرب الأهلية بالعراق لمدة 12 عاما ولازالت.. مستمرة!

***

في ليبيا أصدرت القوى المتشددة في مايو 2013 قانون العزل السياسي الذي يعزل ويبعد القوى الوطنية المنافسة لها بحجة انهم عملوا مع دولة القذافي (1969 ـ 2011) وبذا تم تخوين شخصيات وطنية بارزة ضحت بحياتها في مقاومتها للقذافي كحال الشهيد منصور الكيخيا الذي كان وزيرا للخارجية في إحدى حقب القذافي ورئيس أركان الجيش الوطني الذي انتصر على قوى القذافي الشهيد عبدالفتاح يونس الذي عمل قبل ذلك وزيرا للداخلية وتم كذلك إبعاد شخصيات سياسية بارزة عرف عنها الثقافة والفكر كرئيس الوزراء المعزول بذلك القانون د.محمود جبريل الذي عمل وزيرا للعدل في إحدى حكومات القذافي.

***

آخر محطة: (1) قانون العزل السياسي يدمر الأوطان العربية كونه رايات حق يراد بها باطل ويجب الاكتفاء بمحاكمة القلة من القيادات الملطخة يدها بالدماء ومنح الفرصة للباقين ليشاركوا ويدعموا بقاء الدول التي قامت على أنقاض الديكتاتوريات العربية.

(2) من المهازل أن بعض القوى المتطرفة كالحال في ليبيا واليمن وغيرهما التي تدعي العداء العلني للأنظمة السابقة هي المتعاون بالسر معهم لاقتسام كعكة الأوطان.

(3) خيرا فعلت دول مجلس التعاون بدعوة الحوثيين للمشاركة في مؤتمر الرياض للحوار اليمني وإذا كان من الخطأ عزل الحوثيين فمن الخطأ الأكبر أن يعزل الحوثيون أنفسهم أو أن يحاولوا كحال الوعل ناطح الصخر أن يعزلوا بعض الدول الإقليمية الكبرى.

samialnesf1@hotmail.com – @salnesf

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.