الثروة الحيوانية في خطر
راكان بن حثلين
لا نعلن سرا إذا قلنا إن الثروة الحيوانية في الكويت «في خطر»، أو إذا قلنا ان الدولة تخاذلت عن أداء دورها تجاه المربين.
ففي كل دول العالم، وحتى في الدول الخليجية، نجد حكومات تلك الدول تولي كل الاهتمام بالثروات الزراعية والحيوانية، نظرا لما تمثله هذه الثروات من أهمية في الأمن الإقتصادي، وكذلك لما تمثله من رافد مالي للدولة وكذلك الأفراد، لا سيما المتقاعدين وكبار السن الذين تشكل لهم تربية هذه الثروات مصدرا للرزق.
أما في الكويت، وعلى الرغم من الميزانية الكبيرة المخصصة لدعم الثروة الحيوانية والسمكية، إلا أننا نجد أن الكثير من هذه الدعوم لا توجه إلى مستحقيها، بل إن الكم الأكبر من هذه الميزانيات يوجه لتنفيع بعض الشركات الكبرى، ولمخصصات بعض القياديين.
فللأسف الشديد لا نجد أي جولات تفقدية للمواشي لدى المربين، او طلعات كشفية للتعرف على الحالات المرضية التي يعاني منها المربون، وخصوصا الأمراض المستجدة .
فمهمة الصحة الحيوانية في العالم هي البحث عن الأمراض المستجدة، وإجراء الدراسات والأبحاث المختبرية، من أجل إيجاد المعالجات المناسبة لهذه الأمراض، وتحقيق إنجازات علمية تحسب للدولة في مجال الطب البيطري.
بينما نجد أننا في الكويت «على طمام المرحوم»، فلا دراسات ولا أبحاث، ولا تأهيل لكوادر وطنية متخصصة في الثروة الحيوانية، ولا صناعات للأدوية البيطرية.
فالحاصل لدينا هو ان الأطباء البيطريين والمهندسين العاملين في هيئة الزراعه غير قادرين على القيام بجولات كشفية على المزارع والجواخير لعدم توافر الإمكانات والمعدات والمركبات التي تنقلهم إلى المزارع والجواخير.
وبدلا من التسهيل على المربين، والتوفير عليهم، نرى الدول تضطرهم إلى اللجوء للمستشفيات البيطرية الخاصة، بسبب بعد المسافات، وعدم توافر أفرع لهيئة الزراعة في مختلف المناطق التي تكثر فيها الثروة الحيوانية، وكذلك بسبب الإجراءات الروتينية المملة .
وفي المستشفيات البيطرية الخاصة حدث ولا حرج، فالكثير من العاملين في هذه المستشفيات هم من غير ذوي الاختصاص، بل إن الكثير منهم لا يحملون أي شهادات في التخصص البيطري، ويمارسون عملهم في هذه البيطريات بمسمى «فني»، وذلك في ظل عدم وجود رقابة وتفتيش من قبل الدولة كما هو حاصل في المستشفيات البشرية .
ويضطر المربون إلى دفع مبالغ مضاعفة مقابل الأدوية والعقاقير الحيوانية، والتضحية بأعداد كبيرة من ثروتهم الحيوانية التي تذهب ضحية لاختبارات وتجارب عديمي الخبرة والمعرفة من العاملين في هذه البيطريات، والمرور بدورة طويلة من الاستشارات والآراء المتناقضة إلى حين التوصل إلى التشخيص الصحيح والعلاج المناسب للأمراض المصابة بها ثروتهم الحيوانية.
يجب على الدولة أن تعيد النظر في آلية عمل الهيئة العامة للزراعة والثروة الحيوانية والسمكية، وان تطور من أداء الهيئة، التي يقتصر دورها حاليا على توزيع التطعيمات للأمراض التقليدية مثل « الجدري والمعوي والرئوي»، بينما الكويت تعج الآن بأمراض مستجدة أكثر فتكا وأكثر انتشارا، أصبحت تهدد وجود الثروة الحيوانية في الكويت، بعد أن أصبح الكثير من المربين يشعرون بالملل والضجر من تربية الثروة الحيوانية بسبب كثرة المعاناة.
كما يجب على الدولة ان تنظم لقاءات دورية مع المربين في مختلف المناطق من أجل التعرف على مشاكلهم، كما يجب ان يكون لوزارة الإعلام بالتعاون مع الهيئة العامة للثروة الحيوانية، دور في تثقيف المربين وتعريفهم بالأمراض التقليدية والمستجدة للمواشي، وكذلك بآليات وأساليب التربية الصحيحة للثروة الحيوانية.