الفارق بيننا و.. بيننا!
سامي النصف
الفارق الأساسي بيننا كدول عالم ثالث متخلفة والدول المتقدمة المنجزة ليس قطعا في الجينات بدلالة التخلف الشديد لكوريا الشمالية مقارنة بالتقدم الشديد لكوريا الجنوبية رغم أنهما تنتميان لشعب واحد، وقبل ذلك الفارق الملحوظ بين منتجات ألمانيا الشرقية ومنتجات ألمانيا الغربية رغم انهما كذلك تنتميان لشعب واحد، ما يلغي نظرية الجينات العنصرية، وهو أمر نلحظه في بروز كثير من عرب المهجر ونجاحهم الباهر، بل حتى في الفارق الكبير بين بعض الدول العربية التي تصنف على أنها دول فاشلة رغم وفرة مواردها ودول عربية ـ أغلبها خليجية ـ انتقلت من تصنيف دول العالم الثالث إلى دول .. العالم الأول!
***
وإذا ما علمنا أن الجينات ليست هي السبب في الفارق بين نجاح وفشل الدول، فالحال كذلك لمن يدعي أن الديموقراطيات ومنح الحريات هما السر، حيث واقعنا المعيش لا يثبت ذلك على الإطلاق، فهناك على سبيل المثال دول عربية لديها جرعات زائدة في الديموقراطية والحرية تعاني من الفشل الذريع والتخلف والتفكك والحروب الأهلية، تقابلها دول عربية شديدة التقدم والتطور والثراء، ولكن لا توجد ديموقراطيات وحريات فيها، وهو أمر يمتد إلى خارج الإقليم، حيث نلحظ التقدم والثراء الشديد لسنغافورة وهونغ كونغ وحتى الصين الأم رغم عدم وجود ديموقراطيات فيها.
***
إن المتسبب في الفارق بيننا وبينهم وحتى بيننا وبيننا كدول عربية هو نهج الاختيار، فالدول المتقدمة تختار الأفضل لتحمل المسؤوليات في جميع القطاعات، بينما تقوم الدول الفاشلة باختيار الأسوأ، كذلك تحرص المجتمعات المتقدمة على مبدأ الشفافية الحقيقية والاستخدام الأمثل للموارد المالية بعيدا عن الفساد، بينما تكتفي المجتمعات المتخلفة بالشفافية الصورية وتقبل التجاوزات وهدر الموارد تحت مختلف المسميات، وتتبنى الدول المتقدمة الأنظمة التعليمية المتطورة القائمة على الكيف لتلبية حاجات المجتمع القائمة والقادمة، بينما تعتمد الدول المتخلفة على الأنظمة التعليمية الزائفة القائمة على الكم، فينتهي الحال بها إلى وجود أعداد هائلة من أصحاب الشهادات غير المنتجة التي تستنزف موارد الدولة وتختفي تحت راياتها أمية فاضحة!
***
آخر محطة: (1) إن من يدعي حسدا وغيرة أن ما نراه في بعض دول الخليج التي قفزت في كل المؤشرات الدولية إلى مصاف العالم الأول، هو حضارة حجر لا بشر، مخطئ حتى النخاع، فهناك فجوة حضارية ستنشأ في المستقبل القريب بين شباب بعض تلك الدول الخليجية التي تهتم بالتعليم النوعي والمتقدم لشبابها وبين شباب الدول التي لا تهتم بالتعليم في الإقليم، ويكتفي أبناؤها بالشهادات المزيفة والمشتراة.
(2) عبر التاريخ لم ينهض البشر ولم يتطوروا إلا وصاحبت ذلك نهضة بالحجر، وهذا تماما ما نشهده في بعض دول الخليج.
samialnesf1@hotmail.com
@salnesf