مقالات

إنما للفهم حدود!

صالح الغنام

مازلت على رأيي القديم, بأن نظام الـ 25 دائرة, وصوتين لكل ناخب, هو أفضل نظام انتخابي عرفته البلاد. وأرجو ملاحظة إنني أتكلم عن أفضلية وملاءمة هذا النظام الانتخابي لنا, من جهة ما يتعلق بالرقابة الشعبية. مع اعتراف تام مني, إن هذا النظام الانتخابي الذي امتدحه, كان أحد أسباب تصنيف النواب وفرزهم, ما بين نواب خدمات, ونواب مواقف. ومع ذلك, ورغم أنه ليس النظام الانتخابي الأمثل, إلا أنني مازلت أصر على أنه الأفضل, وتمنيت حقيقة تحويل الكويت إلى خمسين دائرة, والإبقاء على صوتين لكل ناخب. فتفتيت الدوائر وعدم دمجها إلى عشر أو خمس دوائر, هو أفضل النظم الانتخابية التي يمكن للناخبين من خلالها تكريس وتطبيق الرقابة الشعبية على ممثليهم في مجلس الأمة.
أيام الـ 25 دائرة, كان النائب تحت ضرس الناخب, ولم يكن يملك أن يشك خيطا في إبرة, إلا بعد الرجوع إلى ناخبيه واستطلاع آراء الدواوين الكبرى في الدائرة. بينما اليوم, وبعد دمج الدوائر إلى خمس, وسواء تم الانتخاب بأربعة أصوات أو صوت واحد, فلم يعد النائب يكترث لناخبيه, ولا يرد “الشور” حتى لأهم الدواوين وأكثرها تأثيرا. فالدائرة الانتخابية بعد توسيعها, وزيادة عدد المناطق التابعة لها, حررت النائب من قيود كثيرة, بعدما أصبحت تضم عددا كبيرا من الناخبين, ما يعني, سهولة وإمكانية تعويض أصوات الناخبين الناقمين, واستبدالهم بآخرين. وأبلغ دليل على هذا, أن نواب المجلس “التاريخي” الماثل, لا يحفلون, ولا يديرون بالا لسخط الناس عليهم.
رسميا, سقطت الرقابة الشعبية بالثلاث, ويستحيل أن تقوم لها قائمة بعد اليوم. وإن كان لتكبير الدوائر الانتخابية وتوسعتها دور مباشر في ذلك, فعلى الناخبين تقع المسؤولية الكبرى, ليس بسبب سوء اختياراتهم وقلة وعيهم وعدم وصولهم لمرحلة النضج السياسي, وإنما, لإصرارهم على إبراء أنفسهم من المسؤولية, والاتكال على السلطة لتغيير الواقع الذي اختاروه بأنفسهم… ورغم يقيني باستحالة تفعيل الرقابة الشعبية, إلا أن هناك من الآليات – قد يبدو بعضها متطرفا – ما قد يبعث الأمل في جعل النواب يعيرون ناخبيهم بعض الاهتمام, فالضغط الشعبي المركز على النواب, من خلال تشكيل أكثر من لوبي في كل دائرة, ومن مناطق مختلفة, سيفيد بلا شك, أكثر من مجرد رفع لافتات – الله سبحانه يعلم من وراءها – تناشد السلطة وتحضها على التدخل.
اكتفيت في هذه المقالة – ولأسباب خاصة – ببعض التلميحات, وربما في مقالات لاحقة “نكسر البرمة” ونصرح بالآليات التي نعتقد أن من شأنها أن تحقق الرقابة الشعبية ولو في حدودها الدنيا… ومن يدري, فقد تجبر بعض النواب على تقديم استقالاتهم!

صالح الغنام

salehpen@hotmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.