مقالات

“بيزنس شبابي”!

صالح الغنام

منذ وعيت على هذه الدنيا لم أسمع بمشروع تجاري في أي من مجالات البيع بالتجزئة أو الأعمال الحرفية أو أنشطة المطاعم وبيع المواد الغذائية بجميع مشتقاتها أن تتعرض للخسارة. لم أسمع بهذا, وإن حدث فيعود ذلك إلى سببين: إما إلى سوء إدارة أو بسبب طمع وعدم اقتناع بالمردود المادي الذي هو حتما يغطي المصاريف, ولكنه – برأي صاحب المشروع – قد لا يوازي الجهد المبذول. وابلغ دليل إننا كثيرا ما نرى محلات ومطاعم يهش العاملون فيها “الذبان” جراء خلوها من الزبائن, ومع ذلك, نجدها قائمة منذ سنين طويلة, ودائما ما نتساءل في حيرة: كيف لهذه المحلات والمطاعم أن تستمر في فتح أبوابها في ظل عدم إقبال الناس عليها؟
إنها حكمة وبركة الرب عز وجل, فأي مشروع تجاري, هو باب رزق, لصاحب المشروع ولجميع العاملين فيه, هذا أولا. وثانيا: أن دورة رأس المال في أي عمل تجاري, هي عبارة عن دورة حياة, تعم فوائدها ويجني منافعها عدد لا يحصى من الجهات والبشر, وبشكل لا يمكن تخيله. لذا, أؤكد أنه متى تجنب صاحب المشروع مطبات سوء الإدارة والطمع بما هو أكثر, فبإذن الله تعالى سينجح, حتى وإن تاجَرَ بأتفه السلع وأقلها شأنا. وأرجوكم, إياكم أن تحفلوا, بما يسمى دراسة جدوى, واحتياجات السوق, والمنافسة وما شابه من كلام مرسل. فوالله, لو أن أحداً افتتح محلا في مكان ناء, أو في موقع مكتظ بأكبر وأشهر وألذ المطاعم, وباع فيه سندويشات “جبن وطماط”, لأفاء الله عليه برزق وفير!
كل هذا اللف والدوران, فقط كي أصل إلى نقطة فتح الباب للشباب وتشجيعهم على ممارسة العمل التجاري. وما أعنيه هنا, لا علاقة له بدعم المشروعات الصغيرة, ولا بقروضها التي تصل إلى نصف مليون دينار. فأنا أتحدث عن “بيزنس” شبابي محدود, لا يرقى للشراكة, ولا يستدعي الخضوع لاشتراطات صارمة, ولا يحتاج لتمويل حكومي. ففي معظم دول العالم, نجد على أرصفة أسواقها وشواطئها وميادينها العامة, أكشاك وسيارات متنقلة, مصممة بشكل أنيق وجميل, تبيع الأطعمة والحلويات والعديد من المنتجات. وكثيرا, ما تساءلت عن سبب عدم مزاولة أبنائنا الشباب لهذا النشاط الذي هو كفيل بتحسين أوضاعهم المعيشية, وإشغالهم بما يفيد وينفع, فضلا, عن استغنائهم عن الوظائف الحكومية!
فكان الجواب الصاعق, أن البلدية تمنع ذلك حفاظا على الصحة العامة! طبعا, هذا الكلام مردود عليه, إذ يمكن للبلدية مراقبة هذه الأنشطة, علاوة على إن الفكرة ذاتها تنفذها شركات تقوم بتأجير الشباب “بوثات” في أماكن معينة ولفترات محددة. فهل الأكشاك من خلال الشركات حلال ومن دونها حرام؟ ولأن عذر البلدية غير مقنع على الإطلاق نتمنى على الحكومة التحلي بالمرونة ودعم الشباب بفتح الشواطئ والميادين العامة لهم لمزاولة هذه الأنشطة وتزويدها بما يلزم من تيار كهربائي وما شابه… الفكرة تمشي, الفكرة تنجح, بشرط, ألا يعرقلها حاسد خبيث!
salehpen@hotmail.com
صالح الغنام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.