مقالات

“البيزنس والأهل”!

صالح الغنام

كنت أرتب الأفكار في ذهني للدخول في “مود” الكتابة, ولم أجد مثالا جديا على خبث وعبث واستخفاف أميركي بالعالم, وبالشرق الأوسط تحديدا, أكثر من كلام وزير خارجيتها جون كيري, الذي قال قبل أيام: “أن لا حل للأزمة السورية إلا بالتفاوض مع بشار الأسد”… هكذا ببساطة, وكأنما بلاده التي أشعلت شرارة الفوضى الهدامة في سورية, وما نتج عنها من تخريب وتدمير وتشريد, ومقتل نحو 400 ألف ضحية, ونزوح خمسة ملايين سوري يعيشون كلاجئين في العراء, كأنما كان ذلك مجرد ” Video Game” سئمت منه الولايات المتحدة بعد دخول أزمة سورية عامها الخامس, فقررت أن تستبدل بلعبة الحرب, لعبة الحوار!
كان يفترض أن يكون هذا موضوع مقالتي اليوم, إلا أن اتصالا هاتفيا وردني من صديق قديم يعمل في مجال التجارة, أشغلني عما كنت مشغولا فيه, ففي معرض حديثه عن مقالة “بيزنس شبابي”, قادني في حواره الطويل والمتشعب الذي تجاوز موضوع مقالة أمس, إلى جزئية لفتت انتباهي, وذلك حين ركز غير مرة على دور الأهل, في دعم مشروعات أبنائهم أو إعاقتها وعرقلتها, وكيف أن كثيرا من الأقارب كانوا السبب المباشر في تخذيل أبنائهم وبناتهم وتكسير مجاديفهم وتثبيط عزائمهم.
الشاهد, إنني اقتنصت الفكرة منه, ورغم يقيني لما في هذا الموضوع من حرج بالغ, إلا أنه في المقابل يمثل حقيقة واقعية لا يمكن إنكارها. فكثير من الأقارب وأبناء العمومة وأحيانا الأشقاء الخلصاء, يقفون بالمرصاد لأي ابن من أبناء العائلة يبرز نجمه في أي مجال من المجالات, سواء أكان ذلك في “البيزنس” أو عند تقلده منصبا رفيعا, أو حتى حين يكون مميزا باتساع رقعة علاقاته الاجتماعية… بلا شك, السبب الأول في غل بعض الأقارب على قريبهم الناجح, يكمن في الغيرة والحسد, وكل منهم يتمنى لنفسه أن يصل إلى ما وصل إليه ذلك الابن المجتهد أو المحظوظ!
المشكلة, أن بعض الأشخاص تكون ثقتهم بأنفسهم مهزوزة, وشخصياتهم ضعيفة, ويتأثرون سريعا مع أي منغصات أو تجاهل أو تثبيط أو تلقيح بالكلام يأتيهم من الأقارب, وقد يكون سبب تأثرهم, محبتهم البالغة لأقربائهم, وظنهم وتوقعهم إن أهلهم سيكونون سندهم والداعم الأول لهم, لذلك, تكون خيبة أملهم عظيمة وتنعكس على نفسيتهم وأعمالهم. والمشكلة الأخرى ¯ وهنا أتحدث عمن يعملون في “البيزنس” ¯ أن كثيرا من هؤلاء, يعتقد خطئاً أن العلاقات المطلوبة لإنجاح العمل التجاري, تبدأ بالأهل, فيقوم, إما بحسن نية, أو بداعي “التشيحط” الحديث عن مشروعاته التجارية, وهذا برأيي أكبر خطأ يقترفه التاجر الصغير!
فالتجربة الواقعية التي مر بها الكثير ممن دخلوا مجال “البيزنس”, أثبتت أن الأهل والأقرباء, لا يدعمون مشروع قريبهم, سواء بالشراء أو الترويج, أو حتى بالثناء, بل يتخصصون في التقليل من شأن المشروع, وبأنه سيفشل, و”كان غيرك أشطر”, ويتدخلون في كل صغيرة وكبيرة, ويفرضون آراءهم بالقوة, وأحيانا بوقاحة… لذلك, نصيحتي للشبان: استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان, ولا تشركوا في أموركم من لا شأن له, فلن يفرح بما وصلتم إليه, إلا الوالدين ومن خلا قلبه من السواد والغيرة!
الموضوع محرج… صح?

salehpen@hotmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.