ربي لك الحمد
هل يمكن ﻷي أحد ان يفرط بنعمة أنعم الله به عليها ويجلس سعيدا غير متحسر؟ هل يمكن ﻷي أحد كان ان يفرط بنعمة السمع التي ﻻ تقدر بثمن، ويجلس بين الناس أصم ﻻ يسمع شيئاً؟ هل يمكن ﻷي شخص ان يبيع عينيه مقابل مليون دينار فيكون أعمى عاجزا عن اﻷداء، دع عنك الحرمان من التمتع بمشاهدة ما خلق الله؟ هل لدى أي منا اﻻستعداد ﻷن يستغني عن ذراعيه أو ساقيه ويعيش من دون أي منهما مقابل مبلغ كبير من المال؟ ﻻ أظن ذلك فكل واحد من تلك اﻷشياء قيمة بحد ذاتها، ونعمة من أنعم الله ﻻ يمكن تعويضها، بالتالي ﻻ يمكن تقديرها بأموال الدنيا كلها.مع ذلك هناك كثيرون ﻻ يشعرون بقيمة ما يملكون من نعم كثيرة منحها اياهم المولى عز وجل الذي قال في محكم كتابه (وان تعدوا نعمة الله ﻻ تحصوها) ولو أنهم تفكروا في أنفسهم لوجدوا من النعم الكثيرة ما ليس لدى آخرين، ومع ذلك تراهم يتذمرون ﻷشياء ﻻ يملكونها ﻻ تحمل تلك أﻷهمية البالغة، وهي أقل من تلك النعم بكثير، وعلى المثال تكفي نعمة الكلى السليمة التي ﻻ تضطر اﻹنسان الى الجلوس أربع ساعات كل يوم الى جهاز كهربائي طبي يستخلص من جسمه البول وسمومه، يعاني أثناءها ما يعاني من أوجاع وآﻻم.مشكلة كثيرين منا أنهم ﻻ يفكرون في النعم التي يملكونها، ويفكرون أكثر في اﻷشياء التي لا يملكونها، ويؤلمهم أنها تنقصهم، ويظلون طوال الوقت مؤرقين بما يملكه اﻵخرون من مال وجاه وعز، أو مركز وظيفي ﻻمع، أو قصر كبير رائع، الى غير ذلك من أشياء، ما يجعلهم يكابدون مشاعر الحسرة والمرارة والغضب ما يفقدهم اﻹحساس بالرضا والسعادة، ويجعلهم يعيشون في حالة من التذمر الدائم، والشكوى المستمرة، وقد قال كونفوشيوس «ان اﻹنسان الغاضب مملوء دائما بالسم «ومن الطبيعي ان ينعكس السم على الوجه سوادا وكدرا وشقاء، وما عليك سوى ان تنظر لوجه من لم يرزقه الله بنعمة الرضا والقناعة لتشاهد ذلك.نكرر دائما أنه يكفي اﻹنسان بهجة وسعادة ان يصبح آمنا في سربه، معافى في بدنه، لديه قوت يومه، وثلاثتها كنوز ﻻ يعرف المرء قيمتها حتى يفقدها، ووقتها يتمنى لو تعود اليه مهما كان الثمن، واسألوا أهل الشام والعراق.لهذا أتعجب من بعض بنات جنسي اللواتي ﻻ يجدن سعادتهن اﻻ في شنطة وساعة ماركة، وفي فستان جديد مكلف لكل حفلة أو استقبال، وفي مظاهر ﻻ قيمة حقيقية لها، وقد تستلف أو ترتشي أو تضغط على زوجها من أجل توفير تلك اﻷشياء التافهة، وليت تلك النوعية ترضى بما تملك وﻻ يوجد عند غيرها، بدﻻ من ان تكون تعيسة بسبب ما ينقصها وتملكه أخريات.