طبيب ولكن

ماذا يكون شعورك وأنت مستلق في سريرك مريض منهك تعبان، وعند رأسك يقف طبيب بلغ من الخشونة ان يقول لك بأسلوب متعجرف انه ﻻ فائدة ترجى من علاجك، وان عليك ان تخرج من المستشفى حاﻻ ﻷن ﻻ مكان لك فيه، هذا بعد ان قام باعطاء أمر فوري للممرضات بازالة اﻷنابيب واﻷجهزة التي أمر بوضعها حين دخلت المستشفى الخاص الذي يعمل فيه، وبعد ان سحب منك ما تهيأ من مصروفات وأموال كثيرة؟ ما هو احساسك وأنت ترى خشونة في الكلام فيما أنت بأمس الحاجة لكلمة حنونة طيبة تطمئن نفسك، وتهدئ من روعك، وتخفف من شعورك بالخوف من طبيعة مرضك، ومن المضاعفات التي قد تترتب عليه، ومن الموت في النهاية، على الرغم من أنه قدرنا جميعا؟ ما شعورك وقد استخسر فيك طبيبك المداوي التصدق عليك بكلمة طيبة، ووقف يخاطبك باسلوب متعال ﻻ يليق بمن اختار مجال عمل انساني هدفه اﻷول واﻷساسي والرئيسي علاج أمراض الناس، وتخفيف أوجاعهم وآﻻمهم، وارجاع بسمة اﻷمل لهم وﻷحبتهم؟ هذا ما فعله طبيب وافد بمريضتنا قبل ان تنتقل لرحاب ربها بعد ساعات قليلة من كلامه معها، ولتستغني برحمة الله جل وعلا عن رحمة البشر الغلاظ. ربما عرف الرجل ان مريضتنا وصلت الى المرحلة اﻷخيرة من المرض الذي كانت تعانيه، وربما عرف أنها كانت تموت، وﻻ فائدة من أي أدوية وعقاقير تعطى لها، ولكن هل كان يجب ان يستخدم معها ذلك اﻷسلوب الخشن، ويقول لها انك ستخرجين من المستشفى ﻷنه ﻻ علاج لك عندنا؟ ألم يكن بقدرته تلطيف اﻷمر، وتخفيف الوقع عليها بالقول ان علاجها يحتاج جهازا خاصا ﻻ يتوافر حاليا في هذا المستشفى، وهو متوافر في المستشفيات الحكومية، ولذلك فمن اﻷفضل نقلك الى هناك ﻹتمام العلاج؟ هل كان يصعب عليه ان يقول لها ذلك فيخفف عنها الهلع الذي سبق وفاتها؟ ان جئنا للحق فان هذا التصرف ﻻ يليق بشرف العمل في مهنة انسانية راقية مثل مهنة الطب، وعلى الرغم من ان اﻷطباء بشكل عام يستحقون الاحترام على ما يبذلونه من جهد من أجل تخفيف آﻻم المرضى، وايجاد العلاج الناجع لهم، اﻻ ان هذا ﻻ يمنع ان هناك قلة ﻻ يصلحون لهذه المهنة، وهي ﻻ تصلح لهم، وأفضل لهم ان يعملوا في الجزارة فهي تتناسب مع اسلوبهم أكثر. رحم الله فقيدتنا، وحسبنا الله فيمن لم يرأف بحالها حتى وهي تموت.

عزيزة المفرج