“قانون الطفل” يؤكد حرص الكويت بأجيال المستقبل
لم تكن دولة الكويت غافلة عن حقوق وحماية الطفل قبل طرح مشروع قانونه في مجلس الامة وإقراره إذ سعت جاهدة منذ عشرات السنين الى اقرار عدد من التشريعات التي تساهم في حفظ حقوقه واهمها مصادقة دولة الكويت على الاتفاقية العالمية لحقوق الطفل عام 1991.
وعمدت الكويت منذ نشأتها على توفير الرعاية الصحية الأولية الوقائية والعلاجية المجانية للطفل حتى قبل ولادته بهدف خفض معدلات الوفيات وغرس السلوك الصحي الايجابي من خلال الدور الذي تضطلع به مراكز الرعاية الصحية الأولية التي توفر الخدمات لكل الأفراد.
وبذلت الدولة ايضا جهودا كبيرة في المجال التعليمي للطفل وأولت هذا الامر اهتماما بالغا عبر الرعاية الالزامية للتعليم الابتدائي والمتوسط ومجانيته كما أقرت قانونا يجرم العنف ضد الاطفال ويفرض عقوبات مشددة لكل من يضر بطفل.
وكان للأحداث الجانحين أو المعرضين للانحراف نصيب من الاهتمام وفق القانون الخاص الذي يعتبرهم ضحايا ظروف اجتماعية لذلك تمت صياغة مواد القوانين والتشريعات بشكل يساعد على إعادة تأهيلهم نفسيا واجتماعيا إضافة الى الضمانات القانونية في حالات التحقيق والمحاكمات.
ورغم أن الكويت لم تقصر يوما في رعاية الطفل حيث وفرت له كل سبل العيش الكريم والتعليم المجاني والرعاية الصحية وحفظت له كل حقوقه فإنه لا بد أن يكون له قانون يحميه أكثر ويردع كل من تسول له نفسه الاعتداء عليه جسديا أو نفسيا.
ويعد مشروع قانون الطفل الذي أقره مجلس الامة أخيرا خطوة تستحق الاشادة لاسيما بعد أن أثبتت الدراسات ان هناك اطفالا يتعرضون للاساءة والتعذيب والاهمال والاضطهاد يوميا ما يتسبب بخطر على المجتمع في المستقبل وعلى الطفل حاضرا ومستقبلا.
وجاء هذا القانون الذي ينظم حقوق الطفل من النواحي الاجتماعية والصحية والتعليمية منسجما مع روح اتفاقية حقوق الطفل في الامم المتحدة في بنوده ويؤكد حرص الكويت على الاهتمام به وتوفير كل السبل والامكانات لضمان العيش الكريم له.
وأخذ هذا المشروع حيزا كبيرا من النقاش من قبل لجنة المرأة والاسرة البرلمانية مع ممثلي عدد من جمعيات النفع العام ومؤسسات الدولة الحكومية للاطلاع ومناقشة بنود مواد المقترح وابداء رأيهم وملاحظاتهم عليه حيث اكدوا انه مستمد من اتفاقية الامم المتحدة لحماية حقوق الطفل.
وأشار هؤلاء الممثلون الى أن جميع الدول العربية والخليجية أصدرت قوانين على اساس هذه الاتفاقية الدولية عدا دولة الكويت وانه “حان الوقت لاقرار قانون للطفل الكويتي” يشمل كل الحقوق الكفيلة بحمايته منذ ولادته.
وعن هذا القانون قال رئيس لجنة شؤون المرأة والأسرة البرلمانية النائب صالح عاشور إن اقرار الكويت لقانون حماية حقوق الطفل “جاء متأخرا ولكنه يحسب في سجلها الانساني كانجاز الى مجلس الامة” مشيرا في الوقت ذاته الى انها لم تغفل هذه الحقوق في السابق.
وقال عاشور لوكالة الانباء الكويتية (كونا) إنه رغم اهتمامات الكويت الكثيرة في حماية حقوق الطفل فإنه كان ينقصها قانون متكامل مثل هذا القانون الذي يشمل حقوق الطفل منذ الولادة الى سن 18 سنة.
وأوضح ان القانون يتناول حقوق الطفل ابتداء من اختيار الاسم المناسب الذي لا يسبب امتهانا للطفل وانتهاء بالحقوق الصحية والنفسية والاجتماعية والتعليمية وغيرها ويشتمل على مواد تحميه من الاعتداء النفسي والجسدي والجنسي.
وأضاف ان مواده تنص على ألا يستغل الطفل في اعمال غير اخلاقية وعلى انشاء مراكز ايواء للمعتدى عليه مشيرا الى ان هناك مواد خاصة تحميه من الاهمال الصحي او التعليمي فضلا عن الاهمال الذي قد يتعرض اليه الطفل من الوالدين او ممن يرعاه.
وفيما يخص تثقيف الطفل اكد عاشور أن هذا القانون لم يغفل هذا الجانب إذ تنص بعض مواده على إنشاء مكتبات خاصة بالأطفال في محافظات الكويت، إضافة إلى القضايا المتعلقة بالحضانات ومواضيع تخص المعاقين ورياض الأطفال.
واشار الى أن هذا القانون يتضمن مواد تمنع استغلال الطفل في الأعمال أو الأفلام أو القضايا الجنسية والأخلاقية وهي مواد متشددة في هذا الجانب.
وأوضح أن القانون الذي يتضمن 97 مادة يعد متكاملا شاملا للكثير من القضايا ويحمي الطفل ويصون حقوقه متمنيا إنجاز اللائحة الداخلية له بالسرعة المطلوبة والتزام الحكومة في التجهيز له لتطبيقه بعد ستة أشهر.
واشاد بجهود من ساهم في مناقشة وصياغة هذا القانون الذي تضمن في بدايته 144 مادة ثم تم دمج بعض المواد وإلغاء أخرى “لأن جزءا كبيرا منها جاء في قوانين المساعدات العامة والمعاقين والاحداث وغيرها من القوانين المتصلة بالطفل”.
بدورها قالت رئيسة الجمعية الوطنية لحماية حقوق الطفل الدكتورة سهام الفريح إن موافقة مجلس الامة على مشروع قانون حقوق الطفل تعد “نقلة حضارية وإنسانية تحسب للكويت ويعد مشروعا وطنيا مهما” مبينة أن الجمعية تبذل منذ عام 2006 جهودا مضنية لتخطي الصعاب والعقبات لاقراره بالشكل المطلوب.
واضافت الفريح في تصريح مماثل ل(كونا) أن الجمعية هي من تقدم بمقترح هذا القانون إلى جهات عدة تشريعية وحكومية بمختلف مسؤولياتها كي تتبناه موضحة انه يهتم بالعديد من الجوانب التربوية والأخلاقية والإنسانية والثقافية والتعليمية والصحية والنفسية للطفل.
وأعربت عن الشكر لرئيس مجلس الأمة على موقفه الإيجابي ودعمه ومتابعته للمقترح إضافة إلى رئيس واعضاء لجنة شؤون المرأة والأسرة على جهودهم مشيرة إلى أن الجمعية لن تنسى هذا اليوم التاريخي وجهود اللجنة لاقرار هذا القانون.
وذكرت الفريح أن الجميع مطالب بعد موافقة المجلس على القانون بالعمل على تنفيذه كل في مجاله وإنجاز العديد من الموضوعات العالقة التي كانت تنتظر هذا القانون مشددة على “أهمية تنفيذ القوانين وعدم الاكتفاء بالتشريع فقط”.
وأكدت حرص الجمعية على أن تكون منظمة مدنية رديفة لعمل الحكومة في العديد من المجالات الاجتماعية والإنسانية الهادفة التي تصب في مصلحة المجتمع الكويتي.
يذكر أن مجلس الامة وافق في جلسته العادية يوم 24 مارس الجاري بالإجماع على الاقتراح بقانون بشأن حقوق الطفل في مداولته الثانية وأحاله إلى الحكومة حيث نصت المادة الأولى منه على أن الطفل هو كل من لا يتجاوز عمره 18 سنة ميلادية كاملة.
وتنص المادة العاشرة من القانون على أنه “يجب التبليغ عن المواليد خلال 21 يوما من تاريخ حدوث الولادة ما عدا الحالات الخاصة التي تستدعي تقريرا طبيا ويكون التبليغ على النموذج المعتمد من وزارة الصحة وعلى الوزارة إبلاغ الهيئة العامة للمعلومات المدنية خلال 15 يوما من تاريخ التبليغ بالولادة”.
وألزمت المادة 41 من القانون وزارة التربية بإصدار قرار يتعلق بتحديد سن الالتحاق بمرحلة رياض الأطفال في حين جاء في المادة 43 من القانون أن “مراحل التعليم قبل الجامعي على النحو التالي: أولا مرحلة التعليم الأساسي والالزامي وتتكون من المرحلة الابتدائية وثانيا مرحلة التعليم الثانوي وثالثا يجوز إضافة مرحلة أخرى وذلك على النحو الذي تبينه اللائحة التنفيذية”.
ونصت بعض المواد من القانون على معاقبة كل ولي الأمر أو الوصي أو المكلف قانونا برعاية الطفل وتفاوتت بين الحبس والغرامة على حسب درجة الإهمال والتقصير.
وكانت الكويت صادقت على الاتفاقية العالمية لحقوق الطفل عام 1991 التي تنص المادة الاولى منها على ان الطفل هو كل كائن بشري لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره في حين تنص المواد الاخرى على انه يحق لكل طفل التمتع بمستوى معيشي ملائم ويتوجب على الوالدين القيام بهذه المسؤولية الاساسية حيث تساعدهما الدولة من خلال تحصيل النفقة اللازمة لمعيشة الطفل.
وتنص ايضا على حق الطفل في الحصول على التعليم ويتوجب على الدولة تأمين التعليم الابتدائي كحد ادنى بشكل مجاني وإلزامي كما يجب ان يتماشى النظام المدرسي مع حقوق الطفل وكرامته على ان يتوجه التعليم إلى تطوير شخصية الطفل ومواهبه وقدراته البدنية والفكرية إلى أقصى حد وان يكون تعليم الأطفال من أجل حياة بالغة فعالة ويعلم الأطفال كيف يحترمون حقوق الإنسان وهويتهم الثقافية ولغتهم وقيمهم والخلفيات الثقافية للآخرين وقيمهم.
كما يحق للأطفال من الاقليات الاثنية او من السكان الاصليين ان يتمتعوا بثقافتهم الخاصة وبممارسة دينهم ولغتهم مع افراد مجتمعهم وانه يحق للطفل بالراحة والتسلية واللعب والمشاركة في نشاطات ثقافية وفنية.
ولم تغفل الاتفاقية حق الطفل بالحصول على الحماية من العمل الذي يشكل خطرا على صحته أو نموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي إضافة إلى تعليمه ويتوجب حماية الطفل ضد كل أنواع الاستغلال الاقتصادي اضافة انها توجب على حماية الاطفال من الاستخدام غير المشروع للمخدرات والمواد المؤثرة على العقل.