مقالات

حياتنا كانت أجمل

أطفال اليوم يملكون الكثير مما لم نكن نملكه أو حتى نحلم بامتلاكه، وعندهم تسهيلات كثيرة لم تكن متوافرة لنا، مع ذلك فهم ﻻ يمكن ان يفرحوا كما كنا نفرح، ومستحيل ان يشعروا بنفس السعادة التي كنا نشعر بها حين كنا صغارا بنفس أعمارهم، فكل شيء في حياتنا كان فطريا يحمل لذة وطعما خاصا ﻻ يشعرون به. كنا حين نلبس الجديد نشعر بفرحة غامرة ﻷننا ﻻ نلبس الجديد كل يوم، وحين نركب اﻷلعاب أو الدوارف نكون في غاية السعادة ﻷننا ﻻ نرى تلك اﻷلعاب اﻻ في عيدي اﻷضحى والفطر، والعيدية بالنسبة لنا رضا مهما كانت قليلة، وطلعة البر في عطلة منتصف العام كانت قمة الوناسة، فالبر وقتها كان برا حقيقيا يحمل ترفيها صادقا، ﻻ بر هذه اﻷيام الباصج الماصخ. في وقتنا رمضان كان أجمل، والحدائق كانت أبهى، والنفوس كانت أنقى، واﻷمان كان أكثر، والطعام كان أصح، واﻹيجابيات كانت أكثر. في احدى المرات وكنت راجعة للبيت بعد اللعب مع بنات الجيران وجدت 100 فلس على اﻷرض ويا سلام على ذلك اليوم، وعلى الفرحة التي شعرت بها فبتلك المئة أستطيع ان أشتري 4 كاكاوات كتكات وعلج بو سهم أو بيبسي وكاكاو مارس وسندويچة جبن وزيتون. هذه الفرحة لم يشعر بها حفيدي حين وجد 100 فلس على اﻷرض منذ يومين، واﻷكثر من ذلك أنه رفض ان يأخذها وتركها ملقاة في مكانها، ما ذكرني بباقي أطفال وصبيان وشباب هذا الوقت الذين نراهم في الجمعيات التعاونية يأنفون من أخذ (رجوع) مشترياتهم اذا كانت خردة، ويتركونها للكاشير أو للبائع ما يجعلنا نتساءل ان كانوا يعلمون ان النقود لها قيمة. أبناء هذا الجيل يعيشون في عالم متعب لهم نفسيا وصحيا وبدنيا، فعالمهم عالم مادي صناعي الكتروني، والموبايلات ووسائل التواصل الاجتماعي بكافة انواعها وبالطريقة السيئة التي تستخدم بها صار لها تأثير ضار وسلبي عليهم، بعد ان أغرقوا أنفسهم فيها، وصارت بؤرة مشاكل، فعبرها يتبادلون التحريض والشتائم، وينشرون اﻹشاعات الضارة، واﻷخبار المقلقة، والفضائح المصورة، ما يهدد اﻷمن واﻻستقرار المجتمعي، دع عنك استهلاك خلايا المخ والعين، واﻷذى الذي يصيب أعصاب الرقبة واليدين، باﻹضافة الى تراجع اﻷولويات كالمذاكرة، والعمل، واﻷسرة، والعلاقات الاجتماعية، والفرائض الدينية لتأخذ لها مكانا في الخلف. كان الكبار يقولون لنا ان زمانهم أفضل من زماننا على الرغم من وسائل الراحة التي لم تكن موجودة عندهم، وها نحن بدورنا نقول المثل لصغارنا الذين مهما امتلكوا تسهيلات أكثر من التي كانت عندنا يبقى زماننا أحلى وأفضل من زمانهم بكثير.

عزيزة المفرج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.