بأيدينا نحن!
صالح الغنام
مع بالغ تفهمنا لأسباب تشكيل تحالف عربي بقيادة المملكة العربية السعودية, والذي تداعى تلبية لاستنجاد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي, بالمجتمع الدولي, وطلبه تحديدا من دول الخليج إنقاذ بلاده وتخليصها من قبضة الحوثيين. إلا إنني كنت أتمنى لو اقتصرت عمليات تحرير اليمن على دول الخليج العربية, فهي المعنية بالأصل, وهي التي خصها الرئيس اليمني ككيان سياسي وإقليمي للتدخل في اليمن.
أقول هذا, بعدما ساءني كتابة صحيفة عربية واسعة الانتشار في البلد الذي تصدر فيه, مانشيت على صفحتها الأولى, تقول فيه: “الحوثيون على أبواب عدن… والخليج يستنجد بنا”. طبعا استبدلت بمفردة “بنا” اسم الدولة المعنية, من باب الاحترام والتقدير. وهذا المانشيت الغارق بحبر التدليس, أضحى وكأنه امتداد لسياسة عامة ينتهجها ذلك الإعلام في ذلك البلد العزيز. فهو في كل محفل وحين, يذكرنا بأن لولا فضل بلاده لما تحررت الكويت من الغزو العراقي. يفتري ذلك الإعلام بهذا القول, وينسب الفضل لبلاده, رغم علمه ويقينه, أن قوات التحالف المكون من 34 دولة, هي من حررت بلادنا, من بعد الله تعالى.
لن “نلقح” بالكلام, ولن نعاير بالمثل, ولن نفاخر بأفضالنا, ولن نكسر عين ذلك الإعلام المنان, بتذكيره بما قدمته بلادنا من هبات ومنح وعطايا ومساعدات, وودائع صلبت عود اقتصادهم, وعززت أمنهم الداخلي, وأسهمت في استقرار وطنهم الذي كان في مهب الريح. وهذا لعمري, لهو كفيل في أن يعادل في أهميته, تحرير الكويت, وربما أكثر… لا لن نباهي, ونفاخر, ونمن كما يفعل ذلك الإعلام, فما فعلنا ما فعلنا, إلا بدافع المسؤولية, والمحبة, والمصير المشترك, وامتنانا وعرفانا منا بمواقف مشرفة لا ننساها لهم, ولا نحتاج لمن يذكرنا فيها بمناسبة وبغير مناسبة.
لذلك, ومع إيماننا بأهمية قيام تحالف أممي أو عربي إسلامي لتحرير اليمن من أذناب إيران, ورغم إدراكي للأبعاد السياسية – وأيضا النفسية في الداخل اليمني – التي دعت لنشوء تحالف مكون من عشر دول بقيادة المملكة العربية السعودية. وإلى أن يصير مشروع إنشاء قوة عربية عسكرية مشتركة, واقعا ماثلا على الأرض, وكي لا يظهرنا ذلك الإعلام المدلس الذي أشرنا إليه أعلاه, بصورة الدول القاصرة والعاجزة عن فعل شيء من دون مساعدة بلاده, ويمنْ علينا تاليا – كما هو متوقع – فقد كنت أتمنى عدم استعانة دول الخليج, بأي قوات شقيقة أو صديقة في تنفيذ عمليات عاصفة الحزم.
نقول هذا, رغم أن اليمن بتفاصيله وتضاريسه, مستنقع ينبغي الحذر منه, ومع ذلك, فدولنا قادرة – بإذن الله تعالى – على التعامل معه, من دون الحاجة للاستعانة بصديق, فاليمن عمقنا, وهو يخصنا أكثر من غيرنا, ثم إن في اكتفائنا بالقوات الخليجية رسالة مهمة للعالم أجمع, تبين قوتنا مجتمعين, وتظهرنا متوحدين, وترهب الإيرانيين, وتعزز ثقتنا بقواتنا وقدراتنا كخليجيين, وتدحض مقولة أنه لا يمكننا الدفاع عن أنفسنا إلا بالاعتماد على الخارج.
صالح الغنام*
* كاتب كويتي
salehpen@hotmail.com