مقالات

من… إلى اللحد

السلطة بالفعل لها سحر ﻻ يقاوم، ومن يتذوق لذتها سيهون عليه ان يرتكب ما تسنى له من جرائم من أجل اﻻحتفاظ بها، هذا طبعا اذا لم يكن صاحب مبادئ ودين، واذا كانت علاقته بالخالق ضعيفة أو شبه مقطوعة. صفحات التاريخ حفلت بملوك وسلاطين حاكوا الدسائس والفتن، وتحالفوا مع اﻷعداء، وسفكوا بلا رحمة أو شفقة الدماء ومنها دماء أرحام لهم، في سبيل الابقاء على السلطة في يدهم، أو الحصول عليها من غيرهم، وحين نقرأ سير هؤﻻء ﻻبد ان تصيبنا الدهشة من أفعالهم، خاصة ان العملية برمتها ليست سهلة، فالحاكم مسؤول أمام الله عن كل صغيرة وكبيرة تحدث في البلد التي يحكمها، ومسؤول عن سلامة وقوت وصحة كل فرد في شعبه، ودعوة كل مظلوم فيهم سيتحمل هو وزرها، وسيساءل عنها، وهي دعوة (تبطي لكن ما تخطي) فكيف يمكن ﻷي انسان ان يختار بكل اصرار ان يضع نفسه في تلك الورطة. هذا العشق للسلطة شاهدناه عند حكام عرب قفزوا على السلطة بانقلابات عسكرية، وحولوا أنظمة الحكم في بلدانهم من أنظمة وراثية الى أنظمة جمهورية، مع ذلك ربضوا على قلوب شعوبهم بالثلاثة واﻷربعة عقود من الزمن مناقضين أبسط مبادئ الحكم الجمهوري الذي لا يحكم فيه الرئيس مدى الحياة، وفي النهاية احتاج اﻷمر الى انقلاب مضاد للتخلص منهم فيما أطلق عليه الربيع العربي، فمنهم من قتل كالقذافي، ومنهم من فر من البلد كابن علي، ومنهم من ﻻ يزال يقاوم مثل بشار اﻷسد، والمشكلة باقية فيمن رضي بالتقاعد الطوعي ثم عاد ليشعل النيران في الكرسي الذي جلس عليه رئيس جديد تحت مذهب علي وعلى أعدائي. علي عبدالله صالح وما أدراك ما علي عبدالله صالح الرئيس السابق لليمن، الذي لم يتردد في حرق بلده، والتضحية بأهلها البسطاء في سبيل تحقيق أحلامه، وذهب الى حد وضع يده بيد من ﻻ يريدون بدول الخليج خيرا من أجل ان يعود لمنصبه كرئيس، قبح الله وجهه وخُلقه وخيانته، وشتان ما بينه وبين رئيس مصر اﻷسبق محمد حسني مبارك، اتفقنا معه أم اختلفنا، الذي ترك الحكم حين قدر ان ذلك في مصلحة مصر وأهلها، وحوكم ودخل السجن، وﻻ يزال في سجنه على الرغم من كبر سنه. هذا التباين في موقفي الرئيسين يبين الفرق بين الرجال وأشباه الرجال، وبين اﻹخلاص للوطن وخيانته، ويكفي صالح غير الصالح سوءا أنه لم يحترم كلمته واﻻتفاق الذي عقده في المملكة العربية السعودية، وقبض مقابله حصانة له وﻷهله، فنقضه ﻷنه يريد ان يكون رئيسا الى ان يقبض عزرائيل روحه. علي عبدالله صالح ورم سرطاني ولن يتعافى اليمن حتى يتم استئصاله.

عزيزة المفرج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.