مقالات

الوﻻء المشروخ

هناك مشكلة واضحة وضوح الشمس ان لم نعترف بوجودها في بلدنا، واكتفينا بتجاهلها وكنسها تحت السجاد، فسوف يأتي يوم نراها فيه قد كبرت وتعملقت وتشعبت بما يشكل خطرا علينا جميعا، ولن ينفعنا التبرير وقتها ان تجاهلها كان لحماية الوحدة واللحمة الوطنية، واذا فات الفوت لن ينفعنا وقتها الصوت. هذه المشكلة ليست فقط في سورية أو العراق أو البحرين أو أي بلد فيه احتقان طائفي، ولكنها عندنا كذلك، وقد لمسناها في عدة مواقف مررنا بها، ولكن حكمة التعامل مع تلك المواقف كانت، وبفضل من الله، تنقذ الكويت في كل مرة. في اﻷيام اﻷولى التي شهدت انطلاق عاصفة الحزم ضد الحوثيين في اليمن رأينا تململا طائفيا كبيرا وانتقادا حادا من مجموعة مغردين كويتيين عبر تغريدات حملت كلماتها غضبا شديدا مبعثه شعور طائفي، سبق لنا رؤيته أثناء تدخل درع الجزيرة في اﻷحداث الدموية في البحرين. لم يقدر أي من هؤﻻء ان اﻻمتداد الحوثي في اليمن يعني خنق دول الخليج بما فيها الكويت من ثلاث جهات، وهو أمر ليس في صالح البلد، وهناك اعتراف من شخصيات ايرانية بارزة بأطماع ايران في جزيرة العرب، وبأن اﻷمر في اليمن مقصود ومخطط له، فكيف اذن والحال كذلك يغضب البعض من اﻹجراء الذي اتخذته دول الخليج بقيادة المملكة العربية السعودية من أجل الدفاع عن النفس وحفظ اﻷمن فيها. هذا الموقف من قبل البعض ﻻبد ان يدفعنا للتساؤل عمن هو أكثر أهمية، مصالح الكويت أم مصالح ايران، وهل يمكن تقديم اﻷطماع الايرانية على حرية وأمن وسلامة واستقرار الكويت مهما كانت الأسباب؟! هل نسينا ان جميع الكويتيين سنة وشيعة وقفوا ضد صدام حسين واطماعه، وهل سيختلف الوضع لو ﻻ قدر الله جاء اﻻعتداء من صوب ايران؟ اذا لم يكن في المستقبل المنظور ففي المستقبل المجهول، ثم هل يرضى أحد ان يوضع الوطن وعزته وأمنه ورخاؤه وكرامته في صفوف خلفية، وتتقدم عليه أشياء أخرى، مهما كانت تلك اﻷشياء. أعتقد ان تلك المواقف من البعض يظهر عجزا عند الدولة ومؤسساتها في اعلاء قيم المواطنة والهوية وحب الوطن، فهناك من يحمل وﻻء لجماعة الاخوان المسلمين، وهناك من يتقدم وﻻؤه للطائفة على وﻻئه للوطن، وهناك من تحتل القبيلة في قلبه مرتبة تعلو على مرتبة الوطن، لذلك على الدولة ان تعمل على استخدام جميع الوسائل المتاحة ﻹذكاء واعلاء روح المواطنة عند الشعب، وتقديم مصلحة الكويت على جميع المصالح اﻷخرى، واﻻ (شخانة) الواحد يكون كويتياً على الورق فقط؟

عزيزة المفرج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.